التذكير من النسيان إنما هو إلفات نظرها إلى الواقع، وتعزيز مشاعرها للركون إلى الحقيقة. ومن هنا أيضا يتجلى لك كيف عبر القرآن تعبيره اللائق الكريم حيث كرر قوله: * (فتذكر إحديهما) * لبيان أن كلا منهما معرض لهذا الضلال - أولا -. وثانيهما: أن هذا التذكير إنما يؤثر أثره الخاص إذا وقع من إحدى المرأتين للمرأة الثانية لما بينهما من المجانسة والمشاكلة، ومن هنا وهناك أيضا يتجلى لك بوضوح حكمة الحكم في إلغاء شهادة المرأة من رأس في أمر الوصاية، لما في أمر الوصاية من بلبلات قد تستدرجها لاستجابة العواطف وإلغاء الخضوع لحكم العقل، فينقض حينذاك الغرض المطلوب بالشهادة، وهكذا الأمر في إلغاء شهادتها في أمر الطلاق سواء بسواء، بل يزيد في ذلك وضوحا على وضوح، إذ داعية العاطفة فيه أقوى من داعيتها هناك، إذ هو أمر يتعلق بشأن من تشاكلها في الجنس والطبيعة فأين الضمان لها؟ ومن الضامن في أن ترضخ هناك طبيعتها أو عاطفتها لحكم العقل والوجدان فتبرز الحقيقة على ما تعلمها بالوجه الصحيح؟
ومن ذلك قوله في سورة النساء: * (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض) * (1) قد تكون هذه الآية الكريمة فرعا عما سبق فتعلل بما هناك من تعاليل، ولكن للآية في نفسها بحوث وبحوث واسعة النطاق نأتي عليها إن شاء الله عند الكلام عن حقوق المرأة في الاسلام، فإن ذلك بحث في طيه بحوث وبحوث، فلننقل خطى الأقلام لا الأقدام إلى البحث في موضوع آخر هو الاجتهاد والتقليد، واستنباطهما عن طريق القرآن الكريم.