وبليغ رحمته، الجماع مع الحائض لحفظ الزوج والزوجة والنسل.
ومن خلال هذه الحكم تشع لنا حكمة أخرى في المقام هي حرمة طلاق الحائض، وذلك أننا إن ذهبنا إلى اجتماع الحيض مع الحمل كما صرحت به بعض النصوص ومثل قولهم (عليهم السلام): " إن الحامل ربما قذفت بالدم " (1) كان هناك حكمتان:
وهي دفع اختلاط النسل وتخالط الأنساب، لاحتمال أن يكون في الرحم نطفة يخشى أن تختلط بنطفة ثانية، وهذا مضافا إلى الحكمة التي ستأتيك الآن. أما إذا ذهبنا إلى أن الحمل لا يجتمع مع الحيض كما صرحت به بعض النصوص الاخر مثل قولهم (عليهم السلام): " ما كان الله ليجمع الحيض مع الحبل " (2) تجلت لنا حكمة أخرى هي حفظ المرأة والمحافظة عليها عن أن تطرقها العوارض النفسية والآلام المرهقة، فإن حالة الحيض أخطر دور من الأدوار على المرأة لسرعة تأثرها حينذاك بالآلام والعوارض النفسية، وأخطرها عليها هو الطلاق، وذلك واضح لا سترة فيه.
وهاهنا وقد عرفت مبلغ تلك الأخطار المتولدة عن وقاع الحائض في المحيض تعرف جليا كيف أن الآية الشريفة جمعت فأوعت وأوردت المعاني الكثيرة بالألفاظ القليلة، بل جمعتها جميعا بلفظة واحدة وهي كلمة " أذى " وهذه الكلمة مضافا إلى ما فيها من معنى جم ومورد غزير أنها مستجيبة لكل زمان ومكان يستطيع كل زمن أن يطبقها على ما فيه من معرفة وثقافة استجابت للأمة العربية يوم أن هبطت عليها، والأمة العربية تلك الأمة الجاهلة القاحلة التي لم يضرب لها في المدينة عرق صميم بداية في المعارف وبداوة في العقول استجابت لها ففهمت منها أن " الأذى " هو القذر الذي تشمئز منه النفوس وتنفر منه الطباع، ثم سارت قدما حتى