الرافع، أو على العكس، أو في أجزائه في الوضع دون التكليف، أو في الأحكام دون الموضوعات، إلى غير ما هنالك من اختلافات وخلافات تخص المقام، فهذا الاختلاف يخص القاعدة الأساسية أو يمس المفهوم العام إنما هو اختلاف في انطباق القاعدة على الجزئيات، أو صدق المفهوم العام على تلك المصاديق بعد الاتفاق على القاعدة والمفهوم، فالقاعدة والمفهوم محفوظان مضبوطان لا يمس كرامتهما خلل ولا اختلاف.
أما الاختلاف الواقع في الأدلة الظنية الناشئة عن العمل بالقياس - وهو واقع وواقع بكثير - فهو اختلاف في القاعدة الأساسية نفسها والمفهوم العام ذاته، كما ستراه، مثال ذلك إن قلنا: إن القياس حجة - وليس هو بحجة - فمما لا ريب فيه أن ليس للقياس قاعدة محفوظة أو مفهوم عام، فإن مبنى القياس على العلة المستنبطة، والعلة المستنبطة رهينة آراء المستنبطين. فالقياس - إذن - رهين آراء القائسين، وما أكثر تلك الآراء التي لا تقف عند حدود، وهناك الهرج والمرج والتضارب والاضطراب فماذا يكون هو الحجة، ومن ذا - يا ترى - هو المتبع؟ وقد عرفت القياس والقائسين فلم نقف في القياس على ميزان صحيح.
هذا شئ أو بعض شئ مما يتعلق بذكر البراهين التي أقيمت على حرمة العمل بالقياس عقلية ونقلية ذكرناها ولم نأل جهدا في عرضها واستعراضها واستعراض ما هنالك من نقض وإبرام، وعرض ما يجول في الفكر مما هنا وهناك من رد أو تأييد حسب المقدرة وجهد المستطاع، ثم هي الأخرى إننا أضربنا صفحا وطوينا صحيفة عن مباحث عديمة النفع تحدو بالقارئ إلى الملل والإضجار.
وحيث إننا ألمسنا شيئا أو بعض شئ من الفائدة المنشودة، أو الغاية المقصودة، فلنأخذ بعنان اليراع إلى الجولة في ميدان آخر لنرى أي الفريقين أحق