فيها: واعرف الأشباه والأمثال وقس الأمور (1). وهذه الرسالة لم يروها إلا عبد الملك ابن سعدان، عن أبيه، وهو ساقط بلا خلاف، وأبوه أسقط منه، أو من هو مثله في السقوط، فكيف وفي هذه الرسالة نفسها أشياء خالفوا فيها عمر (رض)، منها: قوله:
والمسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودا في حد أو ظننا في ولاء أو نسب (2) وهم لا يقولون بهذا - يعني جميع الحاضرين من أصحاب القياس حنفيهم وشافعيهم - فإن كان قول عمر لو صح في تلك الرسالة في القياس حجة، فقوله في أن المسلمين عدول كلهم إلا مجلودا في حد، حجة، وإن لم يكن قوله في ذلك حجة فليس قوله في القياس حجة - لو صح فكيف ولم يصح -؟
وأما برهان صحة قولنا في الاجماع على إبطال القياس فإنه لا يختلف اثنان في أن جميع الصحابة (رض) مصدقون بكلام القرآن، وفيه: * (اليوم أكملت لكم دينكم) * (3)، وفيه: * (فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) * (4) فمن الباطل المحال أن يكون الصحابة (رض) يعلمون هذا ويؤمنون به ثم يردون عند التنازع إلى القياس أو رأي. هذا ما لا يظنه بهم ذو عقل فكيف وقد ثبت عن الصديق (رض) أنه قال: أي سماء تظلني، أو أي أرض تقلني، إن قلت في آية من كتاب الله برأيي أو بما لم أعلم؟ (5)