لوجبت ولما استطعتم، ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شئ دعوه ". (1) قال أبو محمد: فجمع هذا الحديث جميع أحكام الدين أولها عن آخرها، ففيه: أن ما سكت عنه النبي (صلى الله عليه وآله) فلم يأمر به ولا نهى عنه فهو مباح وليس حراما ولا فرضا، وأن ما أمر به فهو فرض، وما نهى عنه فهو حرام، وأن ما أمرنا به فإنما يلزمنا منه ما نستطيع فقط، وإن يفعل مرة واحدة يؤدي ما لزمنا ولا يلزمنا تكراره.
فأي حاجة بأحد إلى قياس أو رأي مع هذا البيان الواضح، والحمد لله على عظيم نعمه.
فإن قال قائل: لا يجوز إبطال القول بالقياس إلا حين يوجدنا تحريم القول به نصا في القرآن.
قلنا لهم: قد أوجدناكم البرهان نصا بذلك بأن لا يرد التنازع إلى القرآن والسنة فقط، وقال تعالى: * (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء) * (2) وقال تعالى: * (فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون) * (3) والقياس ضرب أمثال في دين الله. ثم يقال لهم: لا يجوز القول بإبطال الإلهام ولا بإبطال اتباع الإمام إلا حين يوجدنا تحريم ذلك نصا وقال لكم ذلك أهل كل مقالة في تقليد انسان بعينه بماذا تنفصلون فالحق أنه لا يحل أن يقال على الله تعالى أنه حرام أو حلال أو