فترجيح الفعل وقت وجوده يفتقر إلى مرجح آخر). قلنا، ممنوع، بل الرجحان الأول كاف، فلا يفتقر إلى رجحان آخر.
الثالث: لم لا يوقعه القادر مع التساوي، فإن القادر يرجح أحد مقدوريه على الآخر من غير مرجح، وقد ذهب إلى هذا جماعة من المتكلمين، وتمثلوا في ذلك بصورة وجدانية، كالجائع يحضره رغيفان متساويان من جميع الوجوه، فإنه يتناول أحدهما من غير مرجح، ولا يمتنع من الأكل حتى يترجح لمرجح، والعطشان يحضره إناءان متساويان من جميع الوجوه، والهارب من السبع إذا عن له طريقان متساويان، فإنه يسلك أحدهما، ولا ينتظر المرجح، وإذا كان هذا الحكم وجدانيا كيف يمكن الاستدلال على نقيضه؟
الرابع: أن هذا الدليل ينافي مذهبهم، فلا يصح لهم الاحتجاج به لأن مذهبهم: أن القدرة لا تصلح للضدين، فالمتمكن من الفعل يخرج عن القدرة لعدم التمكن من الترك، وإن خالفوا مذهبهم (1): أن القدرة لا تتقدم. على المقدور عندهم، وإن فرضوا للعبد قدرة موجودة حال وجود قدرة الفعل، لزمهم: إما اجتماع الضدين، أو تقدم القدرة على الفعل، فانظر إلى هؤلاء القوم، الذين لا يبالون في تضاد أقوالهم، وتعاندها.
وفي الثاني من وجهين:
الأول: العلم بالوقوع تبع الوقوع، فلا يؤثر فيه، فإن التابع إنما يتبع متبوعه، ويتأخر عنه بالذات، والمؤثر متقدم.
الثاني: أن الوجوب اللاحق لا يؤثر في الامكان الذاتي، ويحصل الوجوب باعتبار فرض وقوع الممكن، فإن كل ممكن على الاطلاق إذا