وأيضا: دليلهم آت في نفس هذا الاختيار، فإن كان صحيحا امتنع إسناده إلى العبد، وكان صادرا عن الله تعالى، وإن لم يكن صحيحا امتنع الاحتجاج به.
وأيضا: إذا كان الاختيار الصادر عن العبد موجبا لوقوع الفعل، كان الفعل مستندا إلى فاعل الاختيار، إما العبد، أو الله تعالى، فلا وجه للمخلص بهذه الواسطة.
وإن لم يكن موجبا، لم يبق فرق بين الاختيار والآكل مثلا، في نسبتهما إلى إيقاع الفعل وعدمه، فيكون الفعل من الله تعالى لا غير من غير شركة للعبد فيه.
وأيضا: العادة غير واجبة الاستمرار، فجاز أن يوجد الاختيار، ولا يخلق الله تعالى عقيبه، ويخلق الله تعالى الفعل ابتداء، من غير تقدم اختيار، فحينئذ ينتفي المخلص بهذا العذر.
وأما الثاني: فلأن كون الفعل طاعة أو معصية: إما أن يكون نفس الفعل في الخارج، أو أمرا زائدا عليه. فإن كان الأول، كان أيضا من الله تعالى، فلا يصدر عن العبد شئ، فيبطل العذر.
وإن كان الثاني، كان العبد مستقلا بفعل هذا الزائد، وإذا جاز إسناد هذا الفعل فليجز إسناد أصل الفعل، وأي ضرورة للتمحل بمثل هذه المحاذير الفاسدة، التي لا تنهض بالاعتذار؟، وأي فارق بين الفعلين ولم يكن أحدهما صادرا عن الله تعالى، والآخر صادرا عن العبد؟.
وأيضا دليلهم آت في هذا الوصف، فإن كان حقا عندهم امتنع استناد هذا الوصف إلى العبد، وإن كان باطلا امتنع الاحتجاج به.
وأيضا كون الفعل طاعة، هو كون الفعل موافقا لأمر الشريعة، وكونه موافقا لأمر الشريعة إنما هو شئ يرجع إلى ذات الفعل: إن طابق الأمر