مهلكا واحدا، ويصدرون مصادر شتى "، وفي الحديث في الأنبياء: " وأمهاتهم شتى "، أي: دينهم واحد، وشرائعهم مختلفة. وقيل: أراد اختلاف أزمانهم. ويقال: إن المجلس ليجمع شتوتا من الناس، وشتى، أي: فرقا، وقيل: يجمع ناسا من غير قبيلة، أي: ليسوا من قبيلة واحدة.
ويقال: جاؤوا شتات شتات، بالفتح. هكذا في نسختنا، وفي نسخة: شتات وشتات، بزيادة الواو بينهما، وجوز شيخنا فيه أن يكون بالضم، كثلاث ورباع، كل هذا والتكرار لا يظهر له وجه. والذي في لسان العرب، نقلا عن الثقات، ما نصه: ويقال: جاء القوم شتاتا (1)، وشتات. أي: أشتاتا متفرقين. واحد الأشتات: شت. الحمد لله الذي جمعنا من شت: أي تفرقة. وهذا هو الصواب.
وشتان بينهما، برفع نون البين، روى أبو زيد في نوادره قول الشاعر:
شتان بينهما في كل منزلة * هذا يخاف وهذا يرتجي أبدا فرفع البين (2) قال الأزهري: من العرب من ينصب بينهما، في مثل هذا الموضع، فيقول: شتان بينهما، ويضمر " ما " كأنه يقول: شت الذي بينهما، كقوله تعالى: " لقد تقطع بينكم " (3) وقال حسان ابن ثابت:
وشتان بينكما في الندى * وفي البأس والخبر والمنظر وقال آخر:
أخاطب جهرا إذ لهن تخافت * وشتان بين الجهر والمنطق الخفت ويقال: شتان ماهما، وشتان ما زيد وعمرو، وهو ثابت في الفصيح وغيره، وصرحوا بأن " ما " زائدة، " وهما " فاعله في المثال الأول؛ وفي ما زيد وعمرو " ما " زائدة، وزيد فاعل شتان، وعمرو عطف عليه. قالوا: والشاهد عليه قول الأعشى:
شتان ما يومي على كورها * ويوم حيان أخي جابر أنشده ابن قتيبة في أدب الكاتب، وأكثر شراح الفصيح، قاله شيخنا.
ويقال: شتان ما بينهما، أي: بعد ما بينهما. أثبته ثعلب في الفصيح، وغيره، وأنكره الأصمعي؛ ففي الصحاح: قال الأصمعي: لا يقال شتان ما بينهما. وقال ابن قتيبة في أدب الكاتب: يقال: شتان ما هما، ولا يقال: شتان ما بينهما وفي لسان العرب، وأبى الأصمعي: شتان ما بينهما. قال أبو حاتم فأنشدته قول ربيعة الرقي يمدح يزيد بن حاتم بن المهلب، ويهجو يزيد بن سليم (4):
لشتان ما بين اليزيدين في الندى * يزيد سليم والأغر بن حاتم فهم الفتى الأزدي إتلاف ماله * وهم الفتى القيسي جمع الدراهم فقال: ليس بفصيح يلتفت إليه. وقال في التهذيب: ليس بحجة، إنما هو مولد، والحجة الجيدة (5) قول الأعشى المتقدم ذكره، معناه: تباعد الذي بينهما.
قال ابن بري في حواشي الصحاح وقول الأصمعي: لا أقول شتان ما بينهما، ليس بشيء؛ لأن ذلك قد جاء في أشعار الفصحاء من العرب، من ذلك قول أبي الأسود الدؤلي:
فإن أعف يوما عن ذنوب وتعتدي * فإن العصا كانت لغيرك تقرع وشتان ما بيني وبينك إنني * على كل حال أستقيم وتضلع قال ومثله قول الغيث:
وشتان ما بيني وبين ابن خالد * أمية في الرزق الذي يتقسم قال أبو بكر: شتان ما عمرو، وشتان أخوه وأبوه،