باب الجيم من الحروف التي تؤنث ويجوز تذكيرها، وقد جيمت جيما: كتبتها، وهي من الحروف المجهورة، وهي ستة عشر حرفا، وهي أيضا من الحروف المحقورة وهي: القاف، والجيم، والطاء، والدال، والباء، يجمعها قولك قطب جد. سميت بذلك لأنها تحقر في الوقف، وتضغط عن مواضعها، وهي حروف القلقلة؛ لأنك لا تستطيع الوقوف عليها إلا بصوت، وذلك لشدة الحقر والضغط، وذلك نحو: الحق، واذهب، واخرج.
وبعض العرب أشد تصويتا من بعض، والجيم والشين والضاد ثلاثة في حيز واحد، وهي من لحروف الشجرية والشجر: مفرج الفم، ومخرج الجيم والكاف والقاف بين عكدة اللسان وبين اللهاة في أقصى الفم.
وقال أبو عمرو: قد تبدل الجيم من الياء المشددة، قال: وقد أبدلوها من الياء المخففة أيضا كفقيمج مثال المشددة. قال وقلت لرجل من حنظلة: ممن أنت؟ فقال: فقيمج، فقلت: من أيهم؟ قال: مرج (1). وأنشد أبو زيد في المخففة.
يا رب إن كنت قبلت حجتج (2) * فلا يزال شاحج يأتيك بج أقمر نهار ينزي وفرتج في فقيمي وحجتي، وأنشد أبو عمرو لهميان بن قحافة السعدي:
* يطير عنها الوبر الصهابجا * قال: يريد الصهابيا (3) من الصهبة.
وقال خلف الأحمر: أنشدني رجل من أهل البادية:
خالي عويف وأبو علج * المطعمان اللحم بالعشج وبالغداة كسر البرنج يريد: عليا والعشي والبرني، وهو معرب برنيك، أي الحمل المبارك ذكر ذلك الجوهري في الصحاح، وابن مالك في شرحيه الكافية والتسهيل، والرضي في شرح شواهد الشافية، وابن عصفور في كتاب الضرائر، وصرح بأنها لا تجوز في غير الضرورة، وأوردها ابن جني في كتاب سر الصناعة، وسبقهم بذلك أستاذ الصنعة سيبويه، فكتابه البحر الجامع.
قال شيخنا: وقوله المشددة، أي سواء كانت للنسب، كما حكاه أبو عمرو، أو لا، كالأبيات، وقوله: والمخففة، أي وهي لا تكون للنسب، كإبدالها من ياء الضمير، وياء أمسيت وأمسى في قوله:
* حتى إذا ما أمسجت وأمسجا * ونحوهما، وصرح ابن عصفور، وغيره بأن ذلك كله قبيح، وهو مأخوذ من كلام سيبويه، وغيره من الأئمة.
ومن العرب طائفة - منهم قضاعة - يبدلون الياء إذا وقعت بعد العين جميعا، فيقولون - في " هذا راع خرج معي " -: هذا راعج خرج معج، وهي التي يقولون لها: العجعجة، وقد تقدم طرف من ذلك في الخطبة، ويأتي أيضا ما يتعلق به إن شاء الله تعالى.
وكلام القرافي أن مثله لغة لطيئ ولبعض أسد، وأنشد الفراء:
بكيت والمحترز البكج * وإنما يأتي الصبا الصبج أي البكي والصبي، وأنشد ابن الأعرابي ويعقوب: