في هذا الكتاب بعض من ذلك أيضا.
وسار " صلى الله عليه وآله وسلم " لا حتى بلغ خيمة أم معبد، فنزل بها، وطلبوا عندها قرى، فقالت: ما يحضرني شئ. فنظر رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم " إلى شاة في ناحية قد تخلفت من الغنم لضرها، فقال: أتأذنين في حلبها؟ قالت: نعم، ولا خير فيها. فمسح يده على ظهرها، فصارت من أسمن ما يكون من الغنم، ثم مسح يده على ضرعها، فأرخت ضرعا عجيبا، ودرت لبنا كثيرا، فطلب " صلى الله عليه وآله وسلم " العس، وحلب لهم فشربوا جميعا حتى رووا.
ثم عرضت عليه أم معبد ولدها الذي كان كقطعة لحم، لا يتكلم، ولا يقوم، فأخذ تمرة فمضغها، وجعلها في فيه، فنهض في الحال، ومشى، وتكلم، وجعل نواها في الأرض فصار نخلة في الحال، وقد تهدل الرطب منها، وأشار إلى جوانبها فصار مراعي.
ورحل " صلى الله عليه وآله وسلم " فلما توفي " صلى الله عليه وآله وسلم " لم ترطب تلك النخلة، فلما قتل علي " عليه السلام " لم تخضر، فلما قتل الحسين " عليه السلام لما سال منها الدم (1).
فلما عاد أبو معبد، ورأى ذلك سأل زوجته عن سببه قالت: مر بي رجل من قريش ظاهر الوضاءة، أبلج الوجه، حسن الخلق، لم تعبه ثجلة (أو نخلة) ولم تزر به صحلة (أو صقلة) وسيم في عينيه دعج، وفي اشفاره عطف، وفي صوته صحل، وفي عنقه سطع، وفي لحيته كثاثة، أز ج أقرن، ان صمت فعليه الوقار وإن تكلم سما وعلاه البهاء، أكمل الناس وأبهاهم من بعيد، وأحسنه وأعلاه من قريب، حلو المنطق فصل، لا نزر ولا هذر، كأن منطقة خرزات نظمن يتحدرن، ربعة لا تشنؤه من طول، ولا تقتحمه العين من قصر غصن بين غصنين وهو أنضر الثلاثة منظرا، وأحسنهم