فأوقعوا لنا من الطعن والضرب شيئا ما رأينا مثله من قوم قط فلما رأى سفيان انه لا يقدر عليهم ولا يأمن مع ذلك ظفرهم دعا الرماة فقال ارشقوهم بالنبل وذلك عند المساء وكان التقاؤهم نصف النهار فرماهم أصحاب النبل بالنبل عند المساء وقد صفهم سفيان بن الأبرد على حدة وبعث على المرامية رجلا فلما رشقوهم بالنبل ساعة شدوا عليهم فلما شدوا على رماتنا شددنا عليهم فشغلناهم عنهم فلما رموا بالنبل ساعة ركب شبيب وأصحابه ثم كروا على أصحاب النبل كرة صرع منهم أكثر من ثلاثين رجلا ثم عطف بخيله علينا فمشى عامدا نحونا فطاعناه حتى اختلط الظلام ثم انصرف عنا فقال سفيان لأصحابه أيها الناس دعوهم لا تتبعوهم حتى نصبحهم غدوة قال فكففنا عنهم وليس شئ أحب إلينا من أن ينصرفوا عنا (قال أبو مخنف) فحدثني فروة بن لقيط قال فما هو إلا أن انتهينا إلى الجسر فقال اعبروا معاشر المسلمين فإذا أصبحنا باكرناهم إن شاء الله فعبرنا أمامه وتخلف في أخرانا فأقبل على فرسه وكانت بين يديه فرس أنثى ماذيانة فنزا فرسه عليها وهو على الجسر فاضطربت الماذيانة ونزل حافر رجل فرس شبيب على حرف السفينة فسقط في الماء فلما سقط قال ليقضى الله أمرا كان مفعولا فارتمس في الماء ثم ارتفع فقال ذلك تقدير العزيز العليم (قال أبو مخنف) فحدثني أبو يزيد السكسكي بهذا الحديث وكان ممن يقاتله من أهل الشأم وحدثني فروة بن لقيط وكان ممن شهد مواطنه فأما رجل من رهطه من بنى مرة بن همام فإنه حدثني أنه كان معه قوم يقاتلون من عشيرته ولم يكن لهم تلك البصيرة النافذة وكان قد قتل من عشائرهم رجالا كثيرا فكان ذلك قد أوجع قلوبهم وأوغر صدورهم وكان رجل يقال له مقاتل من بنى تيم بن شيبان من أصحاب شبيب فلما قتل شبيب رجالا من بنى تيم بن شيبان أغار هو على بنى مرة بن همام فأصاب منهم رجلا فقال له شبيب ما حملك على قتلهم بغير أمري فقال له أصلحك الله قتلت كفار قومي وقتلت كفار قومك قال وأنت الوالي على حتى تقطع الأمور دوني فقال أصلحك الله أليس من ديننا قتل من كان على غير رأينا منا كان أو من غيرنا قال بلى قال فإنما فعلت ما كان ينبغي ولا والله يا أمير
(١٠٣)