ثم نازلنا راجلا طويلا فسقطت والله بيننا وبينهم الأيدي وفقئت الأعين وكثرت القتلى قتلنا منهم نحوا من ثلاثين وقتلوا منا نحو من مائة والله لو كانوا فيما نرى يزيدون على مائة رجل لأهلكونا وأيم الله على ذلك ما فارقونا حتى مللناهم وملونا وكرهونا وكرهناهم ولقد رأيت الرجل منا يضرب بسيفه الرجل منهم فما يضره شيئا من الاعياء والضعف ولقد رأيت الرجل منا يقاتل جالسا ينفح بسيفه ما يستطيع أن يقوم من الاعياء فلما يئسوا منا ركب شبيب ثم قال لمن كان نزل من أصحابه اركبوا فلما استووا على متون خيولهم وجه منصرفا عنا (قال أبو مخنف) حدثني فروة بن لقيط عن شبيب قال لما انصرفنا عنهم وبنا كآبة شديدة وجراحة ظاهرة قال لنا ما أشد هذا الذي بنا لو كنا إنما نطلب الدنيا وما أيسر هذا في ثواب الله فقال أصحابه صدقت يا أمير المؤمنين قال فما أنسى منه اقباله على سويد بن سليم ولا مقالته له قتلت منهم أمس رجلين أحدهما أشجع الناس والآخر أجبن الناس خرجت عشية أمس طليعة لكم فلقيت منهم ثلاثة نفر دخلوا قرية يشترون منها حوائجهم فاشترى أحدهم حاجته ثم خرج قبل أصحابه وخرجت معه فقال كأنك لم تشتر علفا فقلت إن لي رفقاء قد كفوني ذلك فقلت له أين ترى عدونا هذا نزل قال بلغني أنه قد نزل منا قريبا وأيم الله لوددت أنى قد لقيت شبيبهم هذا قلت فتحب ذلك قال نعم قلت فخذ حذرك فأنا والله شبيب وانتضيت سيفي فخر والله ميتا فقلت له ارتفع ويحك وذهبت أنظر فإذا هو قد مات فانصرفت راجعا فأستقبل الآخر خارجا من القرية فقال أين تذهب هذه الساعة وإنما يرجع الناس إلى عسكرهم فلم أكلمه ومضيت يقرب بي فرسى وأتبعني حتى لحقني فقطعت عليه فقلت له مالك فقال أنت والله من عدونا فقلت أجل والله فقال والله لا تبرح حتى تقتلني أو أقتلك فحملت عليه وحمل على فاضطربنا بسيفينا ساعة فوالله ما فضلته في شدة نفس ولا إقدام إلا أن سيفي كان أقطع من سيفه فقتلته قال فمضينا حتى قطعنا دجلة ثم أخذنا في أرض جوخى حتى قطعنا دجلة مرة أخرى من عند واسط ثم أخذنا إلى الأهواز ثم إلى فارس ثم
(١٠١)