عن علي بن محمد ان الله اختار الاسلام دينا وارتضاه وطهره وافترض فيه حقوقا أمر بها ونهى عن أمور حرمها ابتلاء لعباده في طاعتهم ومعصيتهم فأكمل فيه كل منقبة خير وجسيم فضل ثم تولاه فكان له حافظا ولأهله المقيمين حدوده وليا يحوطهم ويعرفهم بفضل الاسلام فلم يكرم الله بالخلافة أحدا يأخذ بأمر الله وينتهى إليه فيناوئه أحد بميثاق أو بحلول صرف ما حباه الله به أو ينكث ناكث إلا كان كيده إلا وهن ومكره إلا بور حتى يتم الله ما أعطاه ويدخر له أجره ومثوبته ويجعل عدوه الاضل سبيلا الاخسر عملا فتناسخت خلفاء الله ولاة دينه قاضين فيه بحكمه متبعين فيه لكتابه فكانت لهم بذلك من ولايته ونصرته ما تمت به النعم عليهم قد رضى الله بهم لها حتى توفى هشام ثم أفضى الامر إلى عدو الله الوليد المنتهك للمحارم التي لا يأتي مثلها مسلم ولا يقدم عليها كافر تكرما عن غشيان مثلها فلما استفاض ذلك منه واستعلن واشتد فيه البلاء وسفك فيه الدماء وأخذت الأموال بغير حقها مع أمور فاحشة لم يكن الله ليخلى العاملين بها إلا قليلا سرت إليه مع انتظار مراجعته واعذار إلى الله وإلى المسلمين منكرا لعمله وما اجترأ عليه من معاصي الله متوخيا من الله اتمام الذي نويت من اعتدال عمود الدين والاخذ في أهله بما هو رضى حتى أتيت جندا وقد وغرت صدورهم على عدو الله لما رأوا من عمله فإن عدو الله لم يكن يرى من شرائع الاسلام شيئا إلا أراد تبديله والعمل فيه بغير ما أنزل الله وكان ذلك منه شائعا شاملا عريان لم يجعل الله فيه سترا ولا لاحد فيه شكا فذكرت لهم الذي نقمت وخفت من فساد الدين والدنيا وحضضتهم على تلافى دينهم والمحاماة عنه وهم في ذلك مستريبون قد خافوا أن يكونوا قد أبقوا لأنفسهم بما قاموا عليه إلى أن دعوتهم إلى تغييره فأسرعوا الإجابة فابتعث الله منهم بعثا يخبرهم من أولى الدين والرضى وبعثت عليهم عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك حتى لقى عدو الله إلى جانب قرية يقال لها البخراء فدعوه إلى أن يكون الامر شورى ينظر المسلمون لأنفسهم من يقلدونه ممن اتفقوا عليه فلم يجب عدو الله إلى ذلك وأبى إلا تتابعا في ضلالته فبدرهم الحملة جهالة بالله فوجد الله عزيزا
(٥٧٦)