نصوص المختار، وأن المراد استترنا بالاتمام خوفا من اطلاعهم على إتمامنا، لا أن المراد الاستتار به عن أن يطلعوا علينا أنا نقصر حتى يكون دالا على كون الاتمام تقية، كما أنه يظهر منه ومن غيره أن المراد بقوله (عليه السلام) (إنما يفعل ذلك الضعفة) سوادهم وعوامهم الذين يتخيرون من الأعمال ما خف، ولا يعرفون مواقع الفضل، لا أن المراد بهم ضعفة الأحوال الذين لا يستطيعون نية المقام لفقرهم وضعف حالهم.
وبالجملة الناظر بعين الانصاف إلى هذه النصوص لا يكاد يستريب فيما ذكرناه من وجوه، بل لو لم يكن إلا كثرة هذا التسائل عن ذلك في خصوص هذه المواضع - مع أن القصر للمسافر من ضروريات مذهب الشيعة، حتى أن ابن مهزيار مع جلالة قدره وعظم منزلته وكثرة ملاقاته لهم (عليهم السلام) وقع منه ما سمعت كغيره من الرواة - لكفى في إثبات المختار، لا أقل من حصول التعارض بين أمري الاتمام والتقصير الذي من المعلوم أن الحكم فيه التخيير، خصوصا مع قيام الشاهد عليه من النصوص السابقة، لكن ومع ذلك كله فلا ريب أن الأحوط القصر، لضعف احتمال تعين التمام في جنبه بعد ظهور أدلته، بل صريح بعضها بعدم تعينه.
ثم لا فرق فيما وقفنا عليه من فتاوى الأصحاب في الحكم المزبور بين المواضع الأربعة، لكن في المدارك بعد أن ذكر التخيير في الحرمين قال: (وأما مسجد الكوفة والحائر فقد ورد بالاتمام فيهما أخبار كثيرة لكنها ضعيفة السند، وأوضح ما وصل إلينا في ذلك مسندا خبر حماد بن عيسى (1) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (من مخزون علم الله الاتمام في أربعة مواطن: حرم الله وحرم رسوله (صلى الله عليه وآله) وحرم أمير المؤمنين (عليه السلام) وحرم الحسين بن علي (عليهما السلام)) إلى أن قال - وهذه الرواية معتبرة الاسناد، بل حكم العلامة في المنتهى