عنده تركة فمن بيت المال كما عن أحد وجوه الشافعية مما لا ينبغي أن يصغى إليه بعد فرض عدم الدليل عليه. وأما (الثالث) فلا دليل على وجوب التيمم مع لزوم المحذور أيضا، فلعل الأحوط تكرير الغسل مرتين من كل الرجال والنساء وإن كان لا يلزمون بذلك، لأصالة براءة ذمة كل منهما، والمقدمة بالنسبة إليهما غير معقولة، فهما كواجدي المني في الثوب المشترك. لا يقال: إنه كيف يتصور نية التقرب من كل منهما، لأنا نقول: إنه كسائر أنواع الاحتياط يكفي فيه احتمال التكليف.
هذا كله مع وجود المحارم، أما مع العدم ففي التذكرة أن الوجه دفنه من غير غسل، وفي المنتهى " أن الأقرب جواز صب الماء عليه للرجل والمرأة من فوق الثياب، وليس لأحدهما أن يغسله مجردا، لجواز أن يكون رجلا إن كان الغاسل امرأة، وامرأة إن كان الغاسل رجلا " انتهى. قلت: وأنت لا يخفى عليك أنه بناء على جواز تغسيل الأجانب عند التعذر فلا إشكال في الجواز هنا إن قلنا بشموله لمثل ما نحن فيه من التعذر، وإما بناء على العدم فلعل ما ذكرناه من الاحتياط السابق جار هنا، وإلا فدعوى الوجوب على أحدهما كما هو ظاهر المنتهى قد يناقش فيه بعدم دليل عليه، اللهم إلا أن يستند في ذلك إلى عموم ما دل على وجوب غسل كل ميت مع تنزيل اشتراط المماثلة على معلومية حال الميت، لكن قضية ذلك عدم الالتزام بتغسيله من وراء الثياب، للأصل المسوغ للنظر واللمس من كل من الرجال والنساء، كما أن قضية ذلك عدم الالتزام بتقديم المحارم مع وجودهم، نعم لعل ذلك أولى وأقرب للاحتياط، وربما يحمل عليه كلام من سمعت من الأصحاب وإن بعد ذلك جدا في كلام بعضهم، وهو الذي يقوى في نفسي، والمحكي عن أحد وجوه الشافعية إلا أنهم استندوا له باستصحاب حاله في الصغر، ولا ريب في ضعف ذلك لاختلاف الموضوع، والأولى الاستناد إلى ما ذكرنا من العمومات، ومنه يظهر الكلام فيما لو وجد ميت أو بعضه مما يجب تغسيله واشتبه ذكوريته وأنوثيته لظهور كونهما من واد واحد، فتأمل.