من قتل الخطأ وشهادة الكافر وجزية الوثني.
المرتبة الثانية: ما يكون المسكوت عنه مثل المنطوق به، ولا يكون أولى منه ولا هو دونه، فيقال إنه في معنى الأصل، وربما اختلفوا في تسميته قياسا، ومثاله قوله: من أعتق شركا له في عبد قوم عليه الباقي فإن الأمة في معناه. وقوله: أيما رجل أفلس أو مات فصاحب المتاع أحق بمتاعه فالمرأة في معناه، وقوله تعالى: * (فعليهن نصف من على المحصنات من العذاب) * (النساء: 52) فالعبد في معناها، وقوله عليه السلام: من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع فإن الجارية في معناه، وقوله في موت الحيوان في السمن أنه يراق المائع ويقور ما حوالي الجامد، أن العسل لو كان جامدا في معناه، وهذا جنس يرجع حاصله إلى العلم بأن الفارق بين المسكوت عنه والمنطوق به لا مدخل له في التأثير في جنس ذلك الحكم، وإنما يعرف أنه لا مدخل له في التأثير باستقراء أحكام الشرع وموارده ومصادره في ذلك الجنس حتى يعلم أن حكم الرق والحرية ليس يختلف بذكورة وأنوثة، كما لا يختلف بالبياض والسواد والطول والقصر والحسن والقبح فلا يجري هذا في جنس من الحكم تؤثر الذكورة فيه والأنوثة، كولاية النكاح والقضاء والشهادة وأمثالها، وضابط هذا الجنس أن لا يحتاج إلى التعرض للعلة الجامعة، بل يتعرض للفارق ويعلم أنه لا فارق إلا كذا، ولا مدخل له في التأثير قطعا، فإن تطرق الاحتمال إلى قولنا: لا فارق إلا كذا بأن احتمل أن يكون ثم فارق آخر وتطرق الاحتمال إلى قولنا لا مدخل له في التأثير بأن احتمل أن يكون له مدخل، لم يكن هذا الالحاق مقطوعا به، بل ربما كان مظنونا. ويتعلق بأذيال هذا الجنس ما هو مظنون، كقولنا إنه لو أضاف العتق إلى عضو معين سرى، فإنه إذا أضاف إلى النصف سرى لأنه بعض، واليد بعض، وهذا يغلب على ظن بعض المجتهدين، ومساواة البعض المعين للبعض الشائع في هذا الحكم غير مقطوع به، لان هذا النوع من المفارقة لا يبعد أن يكون له مدخل في التأثير. ومن هذا الجنس ما يتعلق بتنقيح مناط الحكم، كقوله للاعرابي الذي جامع امرأته في رمضان أعتق رقبة فإنا نعلم أن التركي والهندي في معنى العربي إذ علمنا أن ذلك لا مدخل له في الحكم، ويعلم أن العبد في معنى الحر فيلزمه الصوم، لأنه شاركه في وجوب الصوم، ولا نرى الصبي في معناه لأنه لا يشاركه في اللزوم، وللزوم مدخل في التأثير، وإن نظرنا إلى المحل فقد واقع أهله، فيعلم أنه لو واقع مملوكته فهو في معناه، بل لو زنى بامرأة فهو بالكفارة أولى، أما اللواط وإتيان البهيمة والمرأة الميتة هل هو في معناه؟ ربما يتردد فيه، والأظهر أن اللواط في معناه، وإن نظرنا إلى الصوم المجني عليه فقد جرى وقاع الأعرابي في يوم معين وشهر معين، فيعلم أن سائر الأيام في ذلك الشهر، وسائر شهور رمضان في معناه، والقضاء والنذر ليس في معناه لان حرمة رمضان أعظم، فهتكها أفحش، وللحرمة مدخل في جنس هذا الحكم، وإن نظرنا إلى نفس هذا الفعل فهل يلتحق به الأكل والشرب وسائر المفطرات، هذا في محل النظر، إذ يحتمل أن يقال: إنما وجبت الكفارة لتفويت الصوم، والوطئ آلته، كما يجب القصاص لتفويت الدم ثم السيف والسكين وسائر الآلات على وتيرة واحدة. ويحتمل أن يقال: الكفارة زجر ودواعي الوقاع لا