منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٧٧٤
الاستصحاب ومتقوم بوجود كلا احتمالي الوفاق والخلاف يحكم الشارع بإبقاء المتيقن السابق عملا، ومن المعلوم تقدم الدليل الملغي لاحتمال الخلاف على الدليل الذي يكون احتمال الخلاف مقوما لموضوعه، وذلك لارتفاع موضوعه بذلك الدليل، ووضوح عدم تكفل شئ من الأدلة لحفظ موضوعه كعدم تكفله لايجاده، فإذا كان المستصحب ومؤدى الامارة - كالبينة - طهارة شئ قدمت الامارة على الاستصحاب حكومة، لان احتمال الخلاف فيها وهو النجاسة معدوم شرعا وموجود في الاستصحاب.
فالنتيجة: حكومة الامارة على الاستصحاب مطلقا وإن كان موافقا لها بناء على اقتضائها نفي احتمال الخلاف. فقول المصنف: (مع لزوم اعتباره معها في صورة الموافقة) محل التأمل والنظر. نعم يقع الكلام في صحة المبنى في حجية الامارات.
وأما الاشكال الأول فهو وإن كان واردا بدوا على تفسير الشيخ للحكومة، لكنه مندفع عنه بالتأمل في مجموع كلماته، إذ ليس مراده بالنظر تحديد مقدار ما يراد من الدليل المحكوم بالدلالة اللفظية، بل المقصود مجرد النظر في مقتضاه، ويشهد له كلامه المتقدم في التوضيح، وقوله بعده: (فمؤدى الامارات بحكم الشارع كالمعلوم لا يترتب عليه الأحكام الشرعية المجعولة للمجهولات). وقوله بعد أسطر: (لان معنى حجية الظن جعل احتمال مخالفة مؤداه للواقع بمنزلة العدم في عدم ترتب ما كان يترتب عليه من الأثر لولا حجية هذه الامارة.) فلاحظ كلماته في أول بحث التعادل والترجيح. والظاهر من مجموعها أن الحكومة وإن كانت متوقفة على نظر دليل الحاكم إلى دليل المحكوم ووفاء مقام الاثبات به، إلا أن الشيخ يدعي تكفل نفس أدلة اعتبار الامارات لالغاء الشك وطرح احتمال الخلاف، و من المعلوم ارتفاع موضوع الأصول العملية - وهو الشك - بنفس دليل اعتبار الامارة، فتدبر في كلامه زيد في علو مقامه.