منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٧٥٨
توجب امتناع التقييد بناء على كون تقابل الاطلاق والتقييد تقابل العدم والملكة.
وبعبارة أخرى: الرافع والمرفوع لا يجتمعان حتى يمكن التقييد.
وبالجملة: فاعتبار الاستصحاب يكون في موردين، أحدهما: كون الشك في الرافع وجودا ورفعا، والاخر كون الشك في كيفية علية العنوان كالتغير، وأنه علة لنجاسة الماء حدوثا وبقاء، فيرتفع الحكم بارتفاعه، أو حدوثا فقط، فلا يرتفع بارتفاعه بل هو باق. فلا يجري في النسخ، ولا في اختلال حال من حالات الموضوع، لما مر آنفا من أن الموضوع حينئذ إن كان باقيا بنظر العرف فنفس دليل الحكم محكم، وإن لم يكن باقيا فلا يجري الاستصحاب، لانتفاء الموضوع.
وكذا الحال فيما إذا شك العرف في بقاء الموضوع. وهذا الاشكال أي الشك في بقاء الموضوع هو العمدة في وجه عدم جريان الاستصحاب في الأحكام الشرعية لا معارضة الاستصحاب الوجودي مع العدمي فيها كما ذهب إليه بعض الأجلة على ما تقدم في التنبيه الرابع.
ولا يخفى أن ما ذكرناه من انحصار مجرى الاستصحاب بالموردين المذكورين لا ينافي ما تقدم في أولى صحاح زرارة من حجيته في الشك في المقتضي أيضا، لان المانع عن جريانه في المقام هو عدم إحراز الموضوع بتبدل حال من حالاته، لرجوع الشك فيه إلى عدم إحراز بقاء الموضوع لعدم إحراز مقتضية، بخلاف الشك في المقتضي، فان الموضوع محرز، وإنما يشك في بقائه في عمود الزمان لعدم العلم بمدة عمره.
و بعبارة أخرى: منشأ الشك في المقتضي هو الشك في مقدار عمر المستصحب وبقائه في عمود الزمان، ومنشأ الشك في المقام الشك في بقاء نفس الموضوع، للشك في دخل أمر زماني فيه يوجب عدم إحراز وحدته في القضيتين، فتفطن كيلا يلتبس عليك الامر.
هذا تمام الكلام في المقام الأول. وأما المقام الثاني فسيأتي.