منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٧٥٣
الدليل، لان الاستصحاب يوجب بقاء ذلك واستمراره، لا تعيينه وتشخيصه، فان دليل الاستصحاب ناظر إلى ما ثبت بدليل الحكم و متفرع عليه، لأنه متكفل لبقاء ما علم به سابقا، وليس في مقام تشخيص موضوع القضية المشكوكة وتعيينه حتى يقال بعدم قدح مسامحة العرف هنا، لكونه من موارد الشك في الصدق دون الشك في المصداق ليكون من المسامحة العرفية غير المعتبرة في مقام تطبيق المفهوم المبين بجميع حدوده وقيوده على ما ليس مصداقا له حقيقة، كتطبيق الكر على ما دونه بمثقال، والمسافة على ما دونها بذراع مثلا، وهكذا سائر المفاهيم المبينة.
فتحصل: أنه لم يظهر وجه للترديد بين الموضوع الدليلي والعرفي وجعلهما متقابلين، بل الموضوع هو الدليلي فقط، واستظهاره بحدوده وقيوده منوط بنظر العرف، فالموضوع العرفي الارتكازي هو عين الموضوع العرفي الدليلي لا غيره حتى يتجه الترديد بينهما وجعلهما متقابلين، فلاحظ وتأمل.
ومنها: ما عن المحقق النائيني في مقام دفع الاشكال عما أفاده الشيخ الأعظم من الترديد في أخذ الموضوع بين العقل والعرف والدليل.
أما الاشكال فيقرر تارة بأن الرجوع إلى العقل إنما بتقسيم في المستقلات العقلية دون الموضوعات الشرعية التي ليس للعقل إلى ملاكاتها سبيل.
وأخرى: بأنه لا وجه للمقابلة بين ما أخذ في الدليل موضوعا وبين ما يراه العرف موضوعا، إذ العرف ليس مشرعا لموضوع في مقابل موضوع الدليل.
وإن أريد من الرجوع إلى العرف الرجوع إليه في معرفة معنى موضوع الدليل فهو صحيح، إلا أنه لا يختص بالمقام، بل تشخيص معنى اللفظ ومفهومه إنما يرجع فيه إلى العرف مطلقا، فلا معنى لجعل الموضوع العرفي مقابلا لموضوع الدليل في خصوص باب الاستصحاب.
وإن أريد من الموضوع العرفي ما يتسامح فيه العرف ويراه من مصاديق موضوع الدليل مع أنه ليس منها حقيقة فقد عرفت أنه لا عبرة بالمسامحات العرفية.