منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٧٥٦
ففي مثل (الماء المتغير نجس) وإن كان ظاهره بدوا موضوعية الماء المتصف بالتغير للنجاسة، لكن العرف بمقتضى ما ارتكز عنده من المناسبات يرى أن موضوعها ذات الماء، وأن التغير واسطة لعروض النجاسة عليه. وكذا (الكلب نجس) فان ظاهره بمقتضى اللغة أو غيرها وإن كان موضوعية الكلب الحي للنجاسة، لكن العرف بنظره الثانوي يرى أن موضوعها جسمه المعروض للموت والحياة.
وكذا نظائر هذين الموردين.
والحاصل: أن كل ماله دخل في تحديد الموضوع الدليلي من مرتكزات العرف لا بد من لحاظه، لتوقف دليلية الخطاب وحجيته حتى يصح الاستناد إليه والاستدلال به على لحاظه، ومعه لا يتصور موضوع عرفي في مقابل الموضوع الدليلي حتى يقع الترديد بينهما، بل الموضوع واحد وهو الدليلي، وإن شئت فسمه بالعرفي أيضا، لكون مستظهره من الدليل هو العرف، ولا مشاحة في الاصطلاح.
نعم يمكن توجيه الترديد بين الموضوعين بوجه آخر وإن كان بعيدا بل فاسدا، وهو أن يقال: ان المراد بالموضوع الدليلي معناه الافرادي الثابت له بالعرف الخاص من اللغة أو غيرها، وهو المدلول عليه بالدلالة التصورية من دون لحاظ المعنى الجملي الذي هو مركب الدلالة التصديقية، والمراد بالموضوع العرفي هو المعنى الجملي التصديقي الذي يصح إسناده إلى المتكلم، بأن يقال: انه قال كذا، فحينئذ يكون كل من الموضوعين مغايرا للاخر، ويتجه الترديد بينهما.
لكن هذا التوجيه غير وجيه، إذ مرجعه إلى الترديد بين العرف الخاص والعرف العام، ومن الواضح تقدم الثاني على الأول بلا ترديد.
وببيان آخر: ليس المدار في استظهار مرادات المتكلمين على المعاني الافرادية، بل على المعاني الجملية المنوطة بمراعاة القرائن و المناسبات الارتكازية، ومن المعلوم أنه لا بد أن يكون الترديد بين موضوعين فعليين، لا موضوع فعلي وموضوع شأني كالمقام، لتوقف الحكم على فعلية موضوعه.