منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٧٥٤
وأما دفع الاشكال فهو: أن الترديد بين العقل والعرف والدليل إنما يكون بلحاظ بقاء الموضوع واتحاد القضية المشكوكة مع القضية المتيقنة، لا بلحاظ مقام تعيين أصل الموضوع حتى يقال: ان تعيين الموضوع إنما يكون بيد الشرع وليس للعقل والعرف إلى ذلك سبيل، فان ذلك مما لا ينبغي توهمه في المقام، بل المقصود هو أنه هل يعتبر في اتحاد القضيتين أن يكون المشكوك فيه عين المتيقن عقلا مطلقا؟ أو أنه يكفي في الاتحاد العينية العرفية مطلقا، أو أنه لا هذا ولا ذاك، بل تختلف الموارد حسب اختلاف ما يقتضيه ظاهر الدليل.
أقول: الظاهر أنه لا يتوهم أحد كون العرف مشرعا لموضوع في قبال الشارع، إذ تحديد موضوع كل حكم بيد الحاكم لا كل أحد. وأما الترديد بين العقل وأخويه فجعل مورده بقاء الموضوع لا تعيينه غير ظاهر، إذ لو أريد بقاؤه مع الغض عن تعيينه حدوثا أي ما أخذ موضوعا في دليل الحكم فلا معنى له، إذ البقاء وجود استمراري لموضوع القضية المتيقنة، وليس مغايرا له، وإلا كان أجنبيا عن الاستصحاب، إذ لا فرق بين القضية المتيقنة والمشكوكة إلا في الادراك الذي هو في المتيقنة جزمي وفي المشكوكة شكي. وعليه فلا بد أن يكون مورد الترديد تعيين موضوع الدليل الذي هو موضوع القضية المتيقنة، فان البحث عن البقاء مع إجمال الموضوع لغو.
وإن أريد بقاؤه مع لحاظ الحدوث كما هو كذلك في الاستصحاب فلا بد أن يكون موضوع المشكوكة عين موضوع الدليل، لأنه موضوع المتيقنة دون غيره، فان العنب المغلي مثلا الذي هو موضوع الحرمة في الدليل وفي القضية المتيقنة غير الزبيب المغلي الذي هو موضوع القضية المشكوكة. واتحاد الموضوع في هاتين القضيتين منوط بتوسعة دائرة موضوع الدليل حتى يعم الزبيب، وإلا فلا يعقل الاتحاد و العينية في موضوع القضيتين مع تغاير موضوع المتيقنة الذي هو