منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٥٦٤
فان إثبات الولد له بهذا الاستصحاب من أوضح الأصول المثبتة، ولا يظن من أحد التزامه باعتباره، إذ لا ملازمة بين بقائه واقعا ووجود الولد له فضلا عن بقائه التعبدي.
وبالجملة: فالاستصحاب حينئذ مثبت بلا إشكال، ولا مجال للقول بحجيته.
وليس مراد المصنف من المتضايفين ذاتهما، بل مراده عنوانهما، ومن المعلوم أن المتضايفين متكافئان قوة وفعلا وعلما وظنا.
ومما ذكرنا في المتضايفين يظهر حال العلة التامة والمعلول، ضرورة أن العلم بالعلة التامة لا ينفك عن العلم بمعلولها، فمع الشك يجري الاستصحاب في كل منهما، لاجتماع أركانه في كليهما من دون شبهة مثبتية الأصل فيها. وكذا الحال في لوازم الوجود، كضوء الشمس، فان نفس الضوء مما يجري فيه الاستصحاب، لكونه بنفسه متيقنا ومشكوكا، ويترتب عليه طهارة ما جففه من دون لزوم إشكال المثبتية. نعم إثبات الضوء باستصحاب بقاء القرص في قوس النهار يتوقف على الأصل المثبت. لكن قد عرفت جريان الاستصحاب في نفس الضوء.
وأما العلة الناقصة فلا ملازمة واقعا بينها وبين معلولها، فكيف تمكن دعوى الملازمة عرفا بين التعبد بالعلة الناقصة والتعبد بالمعلول؟
والاستصحاب الجاري في الموضوعات المركبة كإثبات موضوع الضمان باستصحاب عدم إذن المالك في تصرف من استولى على ماله أجنبي عن الأصل المثبت كما لا يخفى.
ثم إنه قد ظهر مما ذكرنا: أن كثيرا من الفروع التي توهم ابتناؤها على الأصل المثبت ليست مبنية عليه، إما لاندراج بعضها في الموضوع المركب كمسألة الضمان الذي موضوعه الاستيلاء على مال الغير بدون إذنه، فان الاستيلاء والاذن عرضان لجوهرين. وإما لكون بعضها مما يجري في نفسه الاستصحاب كضوء الشمس من اللوازم، وبنوة الابن ونحوها من الملازمات والمتضايفات، فان ما لا ينفك عن المستصحب حدوثا من اللوازم والملازمات يكون بنفسه مجرى الاستصحاب، ولا يرتبط ثبوته بالأصل المثبت، لما مر من أن مورده هو ما يكون