منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٥٦١
لأنه مجعول بجعل نفس الانسان الذي هو مورد التعبد، فان الامكان لازم لماهيته وغير منفك عنها وإن كان غيره لا عينه، بخلاف سابقه، فان الفرد عين وجود الطبيعي بناء على مذهب أكثر المحققين من كونه كالآباء مع الأولاد.
ومنه يظهر حكم العناوين المشتقة من المبادئ العرضية من كون الاستصحاب الجاري في نفس الذوات المتصفة بتلك المبادئ لاثبات الآثار الشرعية التي موضوعاتها تلك المبادئ مثبتا، فإذا شك في حياة زيد العادل لا يكفي استصحاب حياته في ترتيب آثار عدالته إلا إذا كان معلوم العدالة على تقدير الحياة، وإلا كان اللازم إجراء الاستصحاب في نفس العدالة أيضا. وهذا من غير فوق بين كون المبدأ مما لا يكون له ما بحذاء في الخارج كالعلم والعدالة وغيرهما من الملكات، أو يكون له ما يحاذيه في الخارج كالسواد والبياض و نحوهما، فإنه مع عدم فردية المستصحب وعينيته لموضوع الحكم وعدم كفاية ذات المستصحب في انتزاعه كما في الذاتي البرهاني يكون الاستصحاب مثبتا.
وأما الامر الانتزاعي الذي لا وجود إلا لمنشأ انتزاعه، فاستصحاب منشئه لا يكون مثبتا، كاستصحاب عدم إذن المالك في تصرف الغير في ماله، لأنه موضوع حرمة التصرف حقيقة دون ما ينتزع عنه من عنوان الغصب، إلا إذا فرض موضوعية نفس العنوان الانتزاعي للحكم في لسان الدليل، فان جريان الاستصحاب في منشئه حينئذ لا يجدي في ترتب الحكم المترتب على العنوان الانتزاعي، لأنه ليس مورد التعبد، فترتبه عليه موقوف على مثبتية الأصل.
وإنكار مثبتيته بدعوى صغرويته لكبرى الأصل السببي الحاكم على المسببي بتقريب: أن منشأ انتزاع الغصب هو التصرف غير المأذون فيه، وأصله حاكم على الأصل الجاري في الغصب، وذلك الأصل كاف في ترتب الأثر الشرعي المترتب على الغصب (غير مسموع) لفقدان الترتب الشرعي الذي هو شرط حكومة الأصل السببي على المسببي فيما نحن فيه، ضرورة أن ترتب الامر الانتزاعي