منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٥٠٤
آنفا. وأخرى ما يكون الموضوع فيها الطبيعة السارية، بمعنى: أن موضوع القضية هي الطبيعة لا من حيث هي، بل من حيث وجودها و سريانها في الافراد من دون دخل لخصوصيات الافراد، وهذا القسم هو مفاد القضية المحصورة، كقولنا:
(كل إنسان حيوان) فان معناه حيوانية كل إنسان موجود، فالحكم يسري إلى أفراده، بخلاف قولنا: (الانسان نوع) فان الحكم وهو النوعية لا يسري إلى أفراده.
وعلى هذا البيان لا مانع من التحفظ بظاهر كلام الشيخ، خصوصا بملاحظة قوله: (المستصحب هو الحكم الكلي الثابت للجماعة.) فان الثبوت للجماعة معناه ثبوت الحكم لافراد الكلي، لا نفس الكلي، وإلا لم يصح هذا التعبير، إذ لو كان مراده القسم الأول من القضية الطبيعية لم يكن الحكم ثابتا للجماعة، لما مر من أن الحكم في القسم الأول من القضية الطبيعية مقصور على الطبيعية، ولا يسري إلى الافراد أصلا. وقوله: (لا مدخل لأشخاصهم فيه) يخرج القضية الخارجية التي تخيلها المستشكل.
وسريان الحكم من الطبيعة إلى الافراد بدون دخل خصوصيات الافراد ليس إلا مقتضى القسم الثاني من القضية الطبيعية. ومالكية الفقير للزكاة لعلها من هذا القبيل، إذ لا مانع من مالكية طبيعة الفقير من حيث سريانها في أفرادها لها من دون نظر إلى خصوصياتها.
والفرق بين هذا القسم الثاني من القضية الطبيعية والقضية الحقيقية هو: أن الموضوع في الأول نفس الطبيعة، لكن بلحاظ سريانها في الافراد في قبال القسم الأول منها الذي يكون الموضوع فيه الطبيعة من حيث هي من دون لحاظ وجودها وسريانها، ولذا يكون محمولها من المعقولات الثانية كالنوعية والجنسية. والحكم في هذا القسم لا يسري إلى الافراد، فلا يحمل (النوع) أو (الجنس) على أفراد الانسان أو أفراد الحيوان، بخلاف القسم الاخر من القضية الطبيعية الملحوظ فيها سريانها في الافراد، فان الحكم فيها يسري إلى أفرادها. وهذا في القضية