منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ١٣٣
أما الأول فواضح، إذ لا مورد لحكم الشارع بترتيب الأثر التكويني على علته التكوينية.
وأما الثاني فلمخدوشية ما ادعي عليه من بناء العقلاء على الاخذ بالمقتضى عند إحراز مقتضية وعدم الاعتداد باحتمال خلافه، وذلك لعدم ثبوت بنائهم إلا على بقاء ما شك في بقائه بعد إحراز حدوثه، و ليس ذلك إلا بعد العلم بترتب الأثر على المقتضي والشك في بقائه، ومن المعلوم أن هذا هو معنى الاستصحاب دون قاعدة المقتضي و المانع، وأجنبي عن القاعدة رأسا، فما قيل من: (أن حكم العقل باعتبارها يظهر من بناء العقلاء عليها وركونهم إليها الكاشف عن تصديق العقل وإدراكه إياها) مما لا يمكن المساعدة عليه، ضرورة أنه لا يبني العقلاء على موت جماعة ركبوا السفينة في البحر في حال تموج البحر وكثرة أمواجه المقتضية عادة لغرق السفينة بمجرد الشك في وجود مانع من الغرق، وترتيب آثار موتهم بتقسيم أموالهم و تزويج أزواجهم، وهل يبنون على موت من ابتلي بمرض السكتة أو اصطدام السيارة المقتضيين للموت مع الشك في وجود مانع عنه؟
ونظائر ذلك كثيرة، فإنه لا إشكال في عدم بناء العقلاء على ترتيب الآثار في أمثال هذه الموارد بمجرد العلم بوجود مقتضياتها والشك في وجود الموانع، هذا كله في المقتضيات التكوينية.
وأما المقتضيات التشريعية - وهي موضوعات الأحكام الشرعية كموضوعية الماء الملاقي للنجاسة لحكم الشارع بانفعاله ومانعية الكر أو الاتصال بالمادة عنه - فالظاهر أنه لا دليل على اعتبارها أيضا إلا ما قد يدعى (من دلالة بعض الروايات عليه، مثل قولهم عليهم السلام: لا تنقض اليقين بالشك، ولا تنقض اليقين إلا بيقين مثله، و إياك أن تنقض اليقين بالشك، ومن كان على يقين فشك فليمض على يقينه بتقريب: أنها صريحة في الركون إلى اليقين وعدم الاعتداد بالشك عند الاجتماع والمعارضة، بل التحذير عن نقض اليقين بالشك يكشف عن أن النقض به مما