منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ١٣٥
مقتضية، وليس هذا شأن الأصل العملي الذي يبين وظيفة الشاك في الحكم الواقعي.
وثانيا: أن القاعدة ان كانت أصلا عمليا فلا معنى لاجرائها في شؤون الألفاظ من العموم والاطلاق ونحوهما. وان كانت من الأصول اللفظية فلا وجه لاجرائها في الأصول العملية.
وثالثا: أن إطلاق المقتضي في مثل قاعدتي الاشتغال والبرأة غير ما اصطلح عليه القوم، بل هو اصطلاح جديد، ولا يساعده دليل، إذ لا معنى لاستصحاب العموم أو الاطلاق إلا الأصل اللفظي الحاصل من الوضع أو مقدمات الحكمة.
ومن المعلوم أن شأن اللفظ هو الكشف والحكاية عن معناه، وهذا غير إيجاد شئ باللفظ، والمقتضي هو معطي الوجود، فتدبر.
وكذا أصل البراءة، فان الاخذ بها ليس لكون العلم بالعدم الأزلي مقتضيا للعذر، بل الاخذ بها انما هو لأجل عدم مقتضية أعني تنجز التكليف، فإنه يمكن انتقاض العدم الأزلي واقعا مع عدم علمه به، فان لازم ما أفيد جريان البراءة في خصوص ما سكت الله تعالى عنه، لانحصار العلم بالعدم الأزلي بتلك الموارد، دون ما خفي علينا من الاحكام ولم نظفر بها بعد الفحص، وهو كما ترى.
وأما أصالة الاحتياط العقلي فهي مستندة إلى حكم العقل بلزوم تحصيل المؤمن من المؤاخذة، وكذا أصالة التخيير، فإنها أيضا مستندة إلى لزوم التأمين من تبعات التكاليف بما أمكن من الموافقة. وتسمية هذه الأمور بالمقتضي غير معهودة كما عرفت.
وبالجملة: فقاعدة المقتضي والمانع بمعناها المتداول عند القوم أجنبية عن الأصول العملية.
الثاني: الظاهر أن مورد القاعدة - وهو البناء على وجود المقتضى عند العلم بوجود مقتضية - مختص بالشك في الحدوث، كما إذا لاقت النجاسة ماء مشكوك الكرية أو قليلا يحتمل أن يكون ذا مادة، ولم يعلم حالتهما السابقة، فان القاعدة بناء