منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ١٣١
المقتضي في كلماتهم إلا على ما يفيض الوجود، والشرط متمم لفاعلية الفاعل أو لقابلية القابل. وكيف كان فلا يطلق المقتضي عندهم على العدم، إذ لا يعقل علية العدم للوجود وتأثيره فيه، إذ الفاقد لا يعطي.
وربما يراد من المقتضي في هذه القاعدة ما يشتمل على الشرط أيضا، لان مقصودهم من جريانها في مواردها ترتيب الأثر على العلم بوجود مقتضية بالبناء على عدم المانع، فلا بد أن يراد به المقتضي مع شرائطه.
وأما المانع، فالظاهر أن مرادهم به مطلق ما يمنع المقتضي عن تأثيره في المقتضى سواء أكان مانعا كالرطوبة المانعة عن تأثير النار في الاحراق، أم مزاحما له كوجود الضد المزاحم لتأثير المقتضي لوجود الضد الاخر، فكل ما يحتمل منعه لتأثير المقتضي في مقتضاه يبنى على عدمه بناء على حجية قاعدة المقتضي والمانع.
وبعد تمهيد هذه المقدمة نقول: ان البحث يقع في مقامين: الأول فيما يراد من لفظي المقتضي والمانع، والثاني في دليل هذه القاعدة.
أما المقام الأول، فمحصله: أن الوجوه المحتملة في معنى المقتضي في هذه القاعدة ثلاثة: أحدها: أن يراد به ما يقتضي وجود الأثر التكويني كاقتضاء النار لاحراق ما يجاوره من الثوب ونحوه، ومن المانع حينئذ ما يمنعها عن تأثيرها في الاحراق كالرطوبة الغالبة المانعة عن تأثيرها في احتراق مجاورها، فيكون كل من المقتضي و المانع تكوينيا، واعتبار القاعدة حينئذ يقتضي البناء على تحقق المقتضى عند العلم بوجود مقتضية مع الشك في وجود المانع.
ثانيها: أن يراد بالمقتضي ما جعله الشارع موضوعا لحكمه، ومن المانع ما جعله مانعا عن ترتب ذلك الحكم عليه، فيكون كل من المقتضي والمانع شرعيا، كما إذا جعل الشارع الماء الملاقي للنجاسة موضوعا للانفعال إلا إذا كان كرا أو ذا مادة، ومقتضى اعتبار القاعدة حينئذ هو البناء على نجاسة الماء عند الشك في كريته أو كونه ذا مادة كما أفتى غير واحد بنجاسته استنادا إلى هذه القاعدة.