منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ١٣٢
ثالثها: أن يراد بالمقتضي ملاكات الأحكام الشرعية، وبالمانع ما يمنع عن تأثيرها في تشريع الاحكام، كما إذا فرض ملاكية العلم لتشريع وجوب الاكرام ومانعية الفسق عن تشريعه، واعتبار القاعدة حينئذ يقتضي البناء على وجوب إكرام العالم عند الشك في فسقه، هذا.
ثم إن نقض اليقين بالشك في هذه القاعدة يتصور على وجهين:
أحدهما:
أن المقتضي لاقتضائه لبشئ نزل منزلة الامر المبرم، فأخذ مقتضاه منه، وعدم ترتيبه عليه نقض له، وتصح نسبة النقض في هذا الوجه إلى كل من اليقين والمتيقن.
ثانيهما: أن العلم بالمقتضي وان كان علما به فقط، لكنه حيث كان محكوما عند العقلاء بترتيب مقتضاه عليه عند الشك في مانعه فلا جرم يكون المكلف على يقين وبصيرة من أمره، فمن هذه الجهة يكون علمه بالمقتضي يقينا مبرما يصح اسناد النقض إليه، وجعل عدم ترتيب مقتضاه عليه نقضا وحلا له، ومثل هذا اليقين يجتمع مع الشك كما هو مقتضى نقض شئ بشئ، حيث إنه يجب اجتماع الناقض و المنقوض ليكون حلا لابرامه. وهذا الوجه محكي عن بعض المدققين.
وأما المقام الثاني فنخبة الكلام فيه: أنه لا يظن من أحد القول بحجية قاعدة المقتضي والمانع فيما إذا أريد بالمقتضي ملاكات الأحكام الشرعية، إذ لا سبيل إلى إحرازها إلا بيان المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين، وعلى فرض إحرازها في بعض الموارد فالعلم بشرائطها مفقود، إذ مجرد العلم بملاك حكم مع عدم إحراز الشرائط ليس موردا لقاعدة المقتضي والمانع. ولو أريد بالمقتضي إطلاق دليل الحكم أو عمومه في مقام الاثبات لم يكن ذلك من المقتضي بمعناه المصطلح وهو الملاك الداعي إلى التشريع، فيدور الامر بين إرادة المقتضي التكويني كالنار المقتضية للاحراق، وبين موضوع الحكم الشرعي، الظاهر أنه لا سبيل للالتزام بالمصير إلى المعنى الأول، لعدم دليل على اعتباره لا نقلا ولا عقلا.