منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ١٤
كلمة (الالزام) أو تبديل (البقاء) بالابقاء ليتطابق التعريف مع المعرف، بأن يقال: الاستصحاب هو الابقاء العملي للمتيقن لحكم الشارع ببقائه ظاهرا موضوعا كان أو حكما.
وأما قياس المقام بباب المفاهيم بإرجاع النزاع إلى صغرى حجية الظواهر ففيه: أنه مع الفارق، لان إثبات المفهوم للوصف ونحوه مساوق لحجيته، لاندراجه في كبرى حجية الظاهر، حيث إن اللفظ بدلالته الالتزامية يدل على المفهوم ويكون ظاهرا فيه. وهذا بخلاف المقام، إذ لو تم دليل الاعتبار كان مفاده الالزام الشرعي أو الحكم بالبقاء، وهو بنفسه حكم شرعي كنجاسة الماء المتغير الزائل تغيره بنفسه، لعدم كون استصحابها إثباتا للحجة كما هو واضح.
فالمتحصل: أن تعريف الاستصحاب بما في الرسائل والمتن و الحاشية بل وغيرها من كلمات المتأخرين لا يخلو من شئ، ولو تم ما ادعاه المصنف من كون التعاريف لفظية لا يقصد بها تمييز المعرف بكنهه وذاته فالامر سهل.
وحيث إنه ظهر معناه إجمالا فاعلم: أنه لما كان للاستصحاب قواعد مشابهة له - وهي قاعدة اليقين والمقتضي والمانع والاستصحاب القهقرائي - كان المناسب التعرض لها ولو بنحو الايجاز، وسيأتي الكلام حول القاعدة الأولى في مفاد بعض الاخبار المستدل به على الاستصحاب، كما سيأتي التعرض لقاعدة الاقتضاء والمنع بعد الفراغ من دلالة أولى صحاح زرارة على الاستصحاب.
ولا بأس بالإشارة هنا إلى القاعدة الثالثة وهي التي تسمى بالاستصحاب القهقرائي تارة وبأصالة الثبات في اللغة أخرى وبأصالة عدم النقل ثالثة، وهو من الأصول العقلائية، وذلك عبارة عن شئ متيقن في الزمان المتأخر ومشكوك في الزمان المتقدم كالعلم يكون لفظ (البينة) مثلا فعلا حقيقة في شهادة رجلين عادلين والشك في كونها كذلك سابقا، وكلفظ (القلة) فإنه يعلم بكونه فعلا حقيقة فيما دون الكر، ويشك في كونه كذلك في الزمان السابق. وهذا عكس الاستصحاب المصطلح، حيث إنه يكون زمان المتيقن فيه متقدما و زمان المشكوك