منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ١٠
ومنها: أن تعليل الاخذ بالحالة السابقة في ظرف الشك بالكينونة السابقة غير وجيه، لعدم التعويل في التعبد الاستصحابي على مجرد الكون السابق، ضرورة أن حكم الشارع بالبقاء انما هو لحكمة موجبة لجعله، فان تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد لا تختص بالأحكام الواقعية، فالاحكام الظاهرية أيضا تنبعث عن ملاكات تقتضي جعلها، فالداعي للحكم بالبقاء مصلحة تقتضيه لا مجرد اليقين بثبوت الشئ في زمان. بل وكذا الحال لو كان الدليل عليه بناء العقلاء، إذ الموجب لهذا البناء كما يظهر من كلمات أكثرهم هو غلبة البقاء الموجبة للظن به، لا مجرد الثبوت السابق.
وبعد هذه المناقشات قال المصنف: (ان الأولى أن يعرف الاستصحاب بأنه إلزام الشارع ببقاء ما لم يقم على بقائه دليل).
ويمكن دفع بعض هذه المناقشات عن تعريف الشيخ الأعظم (قده) كما أن شيخنا المحقق العراقي (قده) تصدى لدفع بعضها. أما إشكال عدم جامعية التعريف للمباني المتشتتة فبأن (حقيقة الاستصحاب هو الحكم بالبقاء سواء أكان بإنشاء الشارع أم بإدراك العقل، لاندراج الكل في عنوان الحكم.
وأما إشكال عدم وفاء الحد بما هو ركن المحدود أعني اليقين و الشك، فبأن الحكم بالبقاء لما كان لأجل الكينونة السابقة لا لشئ آخر - وهو يتوقف على الشك في البقاء، إذ لا معنى للاخذ بالحالة السابقة تعبدا أو ظنا ما لم يشك فيه - يدل على ركني الاستصحاب أعني اليقين السابق والشك اللاحق).
لكنك خبير بما في كليهما، إذ في الأول أنه لا جامع بين حكم الشارع الذي هو من مقولة الفعل وبين إدراك العقل الذي هو من مقولة الانفعال أو الكيف النفساني، لتباين المقولات وعدم جامع بينها.
وعليه فإطلاق الحكم عليها لا يكون الا بالاشتراك اللفظي الذي لا سبيل لاخذه