منهما عكس ذلك. وأيضا بمقتضى الأول - بعد فرض التساوي في الوجوه المذكورة فيه - يجب التوقف، حتى يلقى الإمام (عليه السلام) وبمقتضى الثاني يجب الاحتياط إن كان أحدهما موافقا له، والا فالتخيير.
و (منها) الاطلاقات الكثيرة الحاكمة بالتخيير من دون ذكر الترجيح أصلا، مع كونها في مقام البيان، وغلبة وجود إحدى المرجحات في الخبرين المتعارضين، خصوصا إذا تعدينا عن المنصوصة منها إلى غيرها.
والحاصل أن حمل تلك الاطلاقات الكثيرة على مورد تساوى الخبرين - من جميع الجهات مع كونه نادرا بواسطة الامر بالترجيح في الاخبار الاخر - ليس بأولى من حمل الأخبار الدالة على الترجيح على الاستحباب، بل الأولى العكس، إذ ليس فيها الا الامر بالأخذ بذى المزية بصيغة افعل، وهي وإن قلنا أنها حقيقة في الوجوب، لكن استعمالها في الشريعة في الاستحباب وصل إلى حد أنكر بعض أساطين الفن ظهورها في الوجوب لو لم تكن معها قرينة، فكيف تطمئن النفس بتقييد تلك الاطلاقات الواردة في مقام البيان بواسطة هذا الظهور الذي من كثرة خفائه صار مورد الانكار.
وان أبيت عن حمل الأخبار الواردة في الترجيح على الاستحباب، فلا أقل من الاجمال، لدوران الامر بين الظهورين: ظهور الأخبار المطلقة في التخيير، وظهور الأخبار الدالة على الترجيح فيه، فيعمل بالأصل في موارد وجود إحدى المرجحات المنصوصة. وقد عرفت أن الأصل في المقام الترجيح، بناءا على حجية الاخبار من باب الطريقية، ويؤخذ باطلاق أدلة التخيير في غيرها.
فان قلت لا تعارض بين ظهور الاطلاق وظهور الامر، لان الثاني وضعي، والأول مبنى على عدم البيان، وهو مفقود في المقام.
قلت انعقاد ظهور الاطلاق موقوف على عدم وجود البيان المتصل بالكلام، لا الأعم منه ومن المنفصل، ولذا لا يسرى اجمال القيد المنفصل إلى الاطلاق، بخلاف المتصل، ولو كان عدم القيد - وان كان منفصلا - له دخل في انعقاد ظهور المطلق، لكان اللازم عدم انعقاد ظهور الاطلاق فيما إذا وجد ما يمكن أن