وحمل قوله (عليه السلام) (لا ريب فيه) - على عدم الريب بالإضافة إلى الآخر، فيجب الاخذ به تعبدا - ركيك جدا من دون داع إلى هذا الحمل، لوضوح أن الخبر إذا صار اشتهر بين الشيعة رواية وفتوى وعملا - كما هو الظاهر من الاشتهار بين الأصحاب يوجب القطع بصحته، وان مضمونه هو حكم الأئمة (عليهم السلام)، ولازم ذلك صيرورة غيره مقطوع الخلاف، فليس تقديم الخبر المشتهر بين الأصحاب من جهة الترجيح الذي يتكلم فيه.
الامر الثاني - أنه إذا بنينا على الترجيح، فهل يقتصر على المرجحات المنصوصة أم لا؟ ذهب شيخنا المرتضى قدس سره إلى الثاني، واستفاد ذلك من أمور: أحدها الترجيح بالأصدقية والأوثقية فان اعتبار هاتين الصفتين ليس الا
____________________
فتحصل: أن المستفاد من الروايتين هو الترجيح بالشهرة بين الأصحاب أولا، ثم بخصوص الأوثقية والأعدلية في النقل من الصفات ثانيا، ثم بموافقة الكتاب، ثم بمخالفة العامة. والترجيح بغير موافقة الكتاب ارتكازي - لولا ردع الشارع - يعمل عليه العقلاء أيضا، وأما موافقة الكتاب فامر تعبدي. وبذلك ظهر أن المرجحات الغير المنصوصة إن كان الترجيح بها ارتكازيا، يؤخذ بها ويكفيها عدم الردع، ولا يبعد أن تكون قلة النسيان في أحد الروايتين وكثرته في الآخر كذلك وأما إذا لم يكن الترجيح به ارتكازيا، كالأفقهية مثلا، فلا يجوز التعدي إليه، لان التعدي يحتاج إلى تعبد من الشارع، ولا دليل عليه الا التعليلات الواردة في الروايات، وتعليق الحكم على الأوصاف في بعضها، كما استشهد بهما الشيخ (قدس سره). وحيث ذكرنا أن الترجيح بها ارتكازي، فلا يبعد أن تكون التعليلات والتعليق أيضا على حسب ارتكاز العرف.
وعلى هذا لا يجوز التعدي إلى غير ما هو كذلك.
وعلى هذا لا يجوز التعدي إلى غير ما هو كذلك.