أقول: لا يظهر من الاخبار - بعد فرض جواز التعدي - ان الملاك ما افاده قدس سره، لان قوله فان المجمع عليه لا ريب فيه - بعد تعذر حمله على ظاهره - يجب حمله على الرجحان الفعلي أو النوعي. وكذا قولهم فان الحق والرشد في خلافهم، إذ الظاهر أنه لوحظ كون خلافهم طريقا إلى الواقع، ويؤيد ذلك ما في بعض الاخبار من أمرهم بالاستفتاء من فقيه البلد، والعمل بخلاف ما يفتى، ومن أنهم ليسوا من الحقيقة على شئ، وغير ذلك مما يوجد في الاخبار. وكيف كان فبناءا على التعدي لا وجه لترجيح غير ما يكون مؤيدا بما يفيد الظن نوعا. (149) (الثاني) - انك قد عرفت مما ذكرنا سابقا: أن تقديم النص - الظني السند أو الجهة أو كليهما على الظاهر، وان كان قطعي السند - مما يحكم به العرف، ولازم ذلك عدم التوقف الذي هو الأصل الأولى في تعارض الخبرين، فيما إذا كان أحدهما عاما والآخر خاصا، وأمثال ذلك من النص والظاهر، وكذا الحكم في الأظهر والظاهر، وهل يكون مورد التخيير والترجيح أيضا غير ما ذكر، أو هو عام؟ وجهان أقصى ما يقال للأول: أن مورد الأخبار الواردة في العلاج هو الخبران اللذان يتحير العرف فيهما، دون ماله طريق جمع مرتكز في أذهانهم، وجرى عليه ديدنهم.
أقول قد ذكرنا سابقا أن العرف يعاملون الخاص الظني معاملة الخاص القطعي في تقديمه على العام، وتحكيمه عليه، ولكن لا اشكال في أنه لم يكن منشأ لانعقاد ظهور آخر، وصرف ظهور العام كالقرينة المتصلة، حتى لا يبقى تعارض في البين، ولا يحسن السؤال عن حكمها، ولا تشمله الأخبار الواردة في
____________________
(149) قد مر أن التعدي - عن غير ما يكون الترجيح به ارتكازيا - لا وجه له، على ما بنينا عليه الكلام.