الفقه - مورد ومحل.
والحاصل أن هذا الاجماع كأحد الاجماعات الموجودة في المسائل الفقهية، بل من أعلاها، فان كانت الأقوال الشاذة قادحة في الاجماعات، فخلاف الجماعة قادح في هذا الاجماع وإلا فلا.
وأما المنقول فقد ادعاه من أساطين الفن جمع كثير، ففي المفاتيح دعوى الاجماع على ترجيح بعض الاخبار على بعض، وعن النهاية أن الاجماع على العمل بالترجيح والمصير إلى الراجح من الدليلين. وعن غاية المبادئ اجماع الصحابة على العمل بالترجيح عند التعارض وعن غاية المأمول يجب العمل بالترجيح، لان المعهود - من العلماء كالصحابة ومن خلفهم من التابعين - أنه متى تعارضت الامارات اعتمدوا على الراجح ورفضوا المرجوح. وعن الاحكام أيضا وجوب العمل بالدليل الراجح، لما علم من اجماع الصحابة والسلف في الوقايع المختلفة على وجوب تقديم الراجح من الظنين، وعنه أيضا في موضع آخر من فتش عن أحوالهم ونظر في وقايع اجتهاداتهم، علم علما لا يشوبه ريب أنهم كانوا يوجبون العمل بالراجح من الظنين دون أضعفهما. وعن المختصر ما يقرب من ذلك. ويمكن استفادة عدم الخلاف من المعالم وأمثاله، حيث قال قدس سره: أن التعادل يحصل عن اليأس من الترجيح بكل وجه، لوجوب المصير إليه أولا عند التعارض، وعدم امكان الجمع، وأرسله ارسال المسلمات، ولم ينقل فيه خلافا، وظاهره كما ترى اتفاق العلماء على ذلك، خصوصا بعد تعرضه لخلاف بعض أهل الخلاف في التخيير مع التعادل، وعدم تعرضه هنا.
والحاصل ان الوقوف - في اثبات الاجماع محققا ومنقولا قولا وفعلا - مبالغة في ايضاح الواضحات، خصوصا العملي منه. نعم ليس في هذه الاجماعات ما يحكى عن فتوى الصحابة والعلماء، لان كلها حاكية عن عملهم، وهو يكفي في المقام، وليس دون الاجماع المنقول الاصطلاحي في الاستدلال هنا. انتهى موضع الحاجة من كلامه، وانما خرجنا من وضع هذا الكتاب تيمنا بنقل كلماته الشريفة جزاه الله عن أهل الاسلام خيرا.