منجبر بعمل الأصحاب، حيث استقرت سيرتهم في باب الترجيح على العمل بها، كما اعترف به قدس سره في موضع آخر من الرسالة، فالأولى أن يقال: إن الأخذ بما يوافق الاحتياط في المرفوعة إنما جعل في عداد المرجحات. وحينئذ ان حملنا الأدلة الدالة على الاخذ بالمرجحات على الاستحباب، فالامر سهل. والا فالمتعين حمل تلك الفقرة على الاستحباب، لعدم قائل بوجوب الترجيح بالموافقة للاحتياط ظاهرا، فإنهم بين قائل بالتوقف مطلقا، وقائل بالتخيير كذلك، ومفصل بين الموارد المذكورة. ولا ينافي ذلك كون المراد في باقي الفقرات الوجوب كما لا يخفى.
وأما معارضتها لاخبار التوقف، فقد أجاب عنها شيخنا المرتضى قدس سره أيضا، بأنها محمولة على صورة التمكن من الوصول إلى الإمام (عليه السلام) كما يظهر من بعضها، فيظهر منها أن المراد ترك العمل وارجاع الواقعة إليه.
وفيه نظر أما أولا، فلانه كما يوجد - في الأخبار الدالة على التوقف - ما يظهر منه التمكن من الوصول إلى الإمام (عليه السلام) من جهة كون الامر بالتوقف فيها مغيى بلقائه (عليه السلام)، كذلك في الأخبار الدالة على التخيير ما يظهر منه ذلك، لعين تلك الجهة، كرواية حارث بن مغيرة عن الصادق (عليه السلام): (إذا سمعت عن أصحابك الحديث، وكلهم ثقة، فموسع عليك، حتى ترى القائم (عليه السلام).
وأما ثانيا فلان مجرد دلالة بعض اخبار التوقف على التمكن من الوصول إلى الإمام (عليه السلام) لا يوجب تقييد سائر الأخبار المطلقة، إذ لا منافاة بين وجوب التوقف مطلقا - سواء تمكن من الوصول إلى الإمام (عليه السلام) أم لا، كما هو مفاد الأخبار المطلقة - وبين كون غاية التوقف الوصول إليه (عليه السلام)، كما هو مفاد بعض الاخبار الاخر، فلا وجه للحمل كما لا يخفى.
قد يقال إن التحديد بلقاء الإمام (عليه السلام) أعم من صورة التمكن، لان كلمة حتى - كما تدخل على الغاية الممكنة كذلك - تدخل على الغاية