بقى في المقام ما يجب التعرض له، وهو بعض الاشكالات الواردة في بادي النظر على مقبولة عمر بن حنظلة. والأولى نقلها بتمامها. ولعله من بركاتها تزول كل شبهة أوردت عليها.
أقول روى المشايخ الثلاثة باسنادهم عن عمر بن حنظلة قال: (سألت أبو عبد الله (عليه السلام) عن رجلين من أصحابنا يكون بينهما منازعة في دين أو ميراث، فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة، أيحل ذلك؟
قال من تحاكم إليهم في حق أو باطل، فإنما تحاكم إلى الطاغوت، وما يحكم له، فإنما يأخذه سحتا، وان كان حقه ثابتا، لأنه اخذ بحكم الطاغوت، وإنما أمر الله ان يكفر به، قال الله تعالى: (ويريدون ان يتحاكموا إلى الطاغوت، وقد أمروا ان يكفروا به).
قلت فكيف يصنعان؟
قال: ينظر ان إلى من كان منكم، ممن قد روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا، فليرضوا به حكما، فانى قد جعلته عليكم حاكما، فإذا حكم بحكمنا، فلم يقبل منه، فإنما بحكم الله استخف، وعلينا قد رد، والراد علينا الراد على الله، وهو على حد الشرك بالله.
قلت فان كان كل رجل يختار رجلا من أصحابنا، فرضيا ان يكونا ناظرين في حقهما، فاختلفا فيما حكما، وكلاهما اختلفا في حديثكم؟
قال عليه السلام الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما، ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر، قلت فإنهما عدلان مرضيان عند أصحابنا لا يفضل واحد منهما على الآخر؟
قال (عليه السلام) ينظر إلى ما كان من روايتهم عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه بين أصحابك، فيؤخذ به من حكمهما، ويترك الشاذ النادر الذي ليس بمشهور عند أصحابك، فان المجمع عليه لا ريب فيه، وانما الأمور ثلاثة: امر بين رشده فيتبع، وامر بين غيه فيجتنب، وامر مشكل يرد حكمه