في أحدهما، كما هو المفروض. واليه ذهب شيخنا الأستاذ دام بقاه، حيث قال في تعليقته على رسالة التعادل والترجيح ما هذا لفظه:
(فاعلم أنه ان قلنا بحجية الاخبار من باب السببية، فيكون حال المتعارضين من قبيل الواجبين المتزاحمين في أن الأصل فيهما هو التخيير، حيث أن كل واحد منهما - حال التزاحم أيضا - على ما كان عليه من المصلحة التامة المقتضية للطلب الحتمي، ولا يصلح التزاحم الا للمنع عن تنجزهما جميعا، لامتناع الجمع لا عن أحدهما، لامكانه. وحيث كان تعيينه بلا معين ترجيحا بلا مرجح، كان التخيير متعينا. نعم لو كان أهم أو محتمل الأهمية تعين على ما سنفصله) انتهى ما أردنا من نقل كلامه دام بقاه.
وعندي في ذلك نظر، توضيح أن جعل الامارات من باب السببية - كما أوضح ذلك شيخنا المرتضى قدس سره في مبحث حجية الظن - يتصور على وجوه، بعضها باطل عقلا، وبعضها باطل شرعا. والذي يمكن من الوجوه المذكورة وجهان:
(أحدهما) أن يكون الحكم الفعلي تابعا للامارة، بمعنى أن لله تعالى في كل واقعة حكما يشترك فيه العالم والجاهل لولا قيام الامارة على خلافه، بحيث يكون قيام الامارة المخالفة مانعا عن فعلية ذلك الحكم، لكون مصلحة سلوك هذه الامارة غالبة على مصلحة الواقع، فالحكم الواقعي فعلى في حق غير الظان بخلافه، وشأني في حقه بمعنى وجود المقتضى لذلك الحكم لولا الظن بخلافه.
والوجه الثاني أن لا يكون للامارة القائمة على الواقعة تأثير في الفعل الذي تضمنت الامارة حكمه، ولا تحدث فيه مصلحة، إلا أن العمل على طبق تلك الامارة والالتزام به في مقام العمل - على أنه هو الواقع، وترتيب الآثار الشرعية المرتبة عليه واقعا - يشتمل على مصلحة، فأوجبه الشارع. ومعنى ايجاب العمل على الامارة وجوب تطبيق العمل عليها، لا وجوب ايجاد العمل على طبقها.
إذا عرفت ذلك فنقول: إن مقتضى السببية بالمعنى الأول: أنه إذا تعارض الخبران، وعلم مطابقة أحدهما للواقع، لم يكن للخبر المطابق تأثير