الخبرين المتعارضين. أما الأول فواضح، لان حجية كليهما غير ممكن، وحجية أحدهما المعين دون الآخر ترجيح من غير مرجح، إذ المفروض اجتماع شرايط الحجية في كليهما من دون تفاوت. وحجية أحدهما على التخيير، تحتاج إلى دليل نقلي أو عقلي.
أما العقل فحكمه بالتخيير موقوف على وجود المصلحة في كل واحد منهما تعيينا، حتى في حال التعارض. وقد عرفت عدم قابلية ما هو معلوم المخالفة للحجية.
وأما النقل فلا يدل على التخيير أيضا، لما عرفت من أن دليل حجية الاخبار متكفل لحجيتها على التعيين في حد ذاته. وأما الأدلة الواردة لعلاج المتعارضين، فهي وان كانت تدل على التخيير، لكن الكلام هنا مع قطع النظر عنها.
وأما الدليل على الثانية فهو أن حجية الخبر إنما هي من باب كشفه نوعا عن الواقع، فالدليل المثبت لحجيته يوجب الاخذ بالكشف الحاصل منه، لا أن معناه وجوب الاخذ بمؤدى قول العادل مثلا، ولو لم يكن كذلك لكان الواجب الاقتصار على ما كان مدلولا لفظيا له، ولم يكن وجه للاخذ بلوازمه وملزوماته وملازماته، كما كان الامر كذلك في الأصول العملية. والوجه في الاخذ بها ليس إلا ما ذكرنا، وهو أن معنى حجية الطريق جعل الكشف الحاصل منه بمنزلة العلم. ولا ريب أنه إذا قام طريق على ثبوت الملزوم، يحصل به الكشف عن اللازم، كما حصل به الكشف عن ثبوت الملزوم. وكذا العكس، وهكذا إذا قام طريق على أحد المتلازمين، فالدليل الدال على حجية ذلك الكشف، يدل على حجية الجميع في عرض واحد، وان كان بعضه مرتبا على بعض في مرحلة الوجود.
إذا عرفت ذلك فنقول إن دل خبر على وجوب الظهر مثلا، فقد حصل منه الكشف عما دل عليه بالمطابقة، وهو وجوب صلاة الظهر، وحصل منه الكشف أيضا عن لازمه الأعم، أعني عدم براءة ذمة المكلف عن تكليف الزامي،