وأما إن كان الأثر لعدمه في مورد الوجود المفروض للآخر بنحو ليس الناقصة، فليس له حالة سابقة، لان أصل وجوده معلوم في زمان معلوم. وأما كون هذا الوجود في زمان وجود الآخر فلا يعلم نفيا واثباتا. مثاله: لو علم بحدوث ملاقاة النجس الماء المعين في يوم الخميس، وعلم بصيرورته كرا، لكن لا يعلم تاريخ كريته، فيحتمل كونه كرا في يوم الخميس، ويحتمل صيرورته كرا في يوم الجمعة، فاستصحاب عدم الكرية في زمن الشك - أعني يوم الخميس الذي هو زمان حدوث الملاقاة - لا اشكال فيه، فتكون ملاقاة النجاسة للماء الذي لم يكن كرا، - في يوم الخمس - محرزة. أما ملاقاته فبالوجدان. وأما عدم كريته في زمن الملاقاة أعني يوم الخميس فبالأصل، فيعامل هذا الماء معاملة الماء الذي لاقى نجسا ولم يكن كرا في زمن الملاقاة.
وأما استصحاب عدم الملاقاة فان أريد استصحابه من دون إضافة إلى الآخر، فهو باطل قطعا، إذ ليس لها زمان شك في وجودها وعدمها، لأن المفروض أن مبدأ وجودها وانقطاع عدمها معلوم، وإن أريد استصحابه مع الإضافة إلى الآخر، بأن تلاحظ الملاقاة المتحققة في زمن الكرية ويستصحب عدمها، لان الوجود الخاص غير معلوم، وإن كان مطلق الوجود معلوما، فهو مبنى على كون الأثر مرتبا على الوجود الخاص على نحو كان التامة.
____________________
معلومة، فرفع اليد عن عدمه في تلك الحالة نقض لليقين باليقين لا بالشك، وكذا في طرف الكرية. وعلى ذلك لا يجرى الاستصحاب فيهما رأسا، ولو لم تكن معارضة في البين، مثل ما إذا لم يكن لأحدهما اثر. وكذا لا يجرى فيما إذا كان أحدهما المعين معلوما في خصوص معلوم التاريخ من هذه الجهة، وإن لم يكن فيه اشكال آخر، بان اخذ الأثر لعدمه في الزمان الآخر بنحو ليس التامة، فان عدمه في الزمان الآخر على الفرض مردد بين نقض اليقين بالشك أو باليقين، كما مر بيانه.