أقول: عندي فيما افاده قدس سره نظر، فان الشك في بقاء الإباحة الفعلية وان كان مسببا عن الشك في جعل الحرمة التعليقية، إلا أن ترتب عدم الإباحة من جهة أن العقل يحكم بثبوت الحرمة الفعلية - عند تحقق الشرط - وهي تضاد الإباحة، وهذا الحكم العقلي، وان كان من لوازم الحكم التعليقي، سواء كان ظاهريا أم واقعيا، نظير الحكم بلزوم الامتثال، لكنه يصحح الاخذ بهذا اللازم، وانه ليس قولا بالأصل المثبت ولا يصحح الحكومة، لما عرفت من أن عدم الإباحة حينئذ من جهة عدم امكان الجمع بينهما، وكما يترتب على الاستصحاب التعليقي عدم الإباحة بحكم العقل، كذلك يترتب على استصحاب الحكم الفعلي عدم الحكم التعليقي بحكم العقل، إذ لا تجتمع الإباحة - ولو ظاهرا - مع ما يكون علة لضدها.
وبعبارة أخرى ليس العصير بعد الغليان محكوما بالحرمة بحسب الدليل شرعا، مع قطع النظر عن الشك، حتى يكون حاكما على ما يقتضى اباحته بملاحظة الشك، بل الحكم بالحرمة إنما جاء من حكم العقل بفعلية الحكم المعلق عند تحقق ما علق عليه. والمفروض أن الحكم المعلق - أيضا حكم مجعول للشاك فيصير فعليا للشاك أيضا بحكم العقل، فتدبر.
ومما ذكرنا يظهر ما في كلام شيخنا الأستاذ دام بقاه من تصحيح الحكومة، بكون اللازم من اللوازم العقلية الأعم من الواقعي والظاهري. نعم لو قلنا بتقديم الأصل في الشك في السبب. من جهة تقدمة على الشك في المسبب طبعا، وإن لم يكن من آثار الأصل الجاري في السبب رفع الشك عن المسبب شرعا - صحت الحكومة هنا. وسيجئ - انشاء الله تعالى عند ذكر تعارض الأصلين - زيادة توضيح للمطلب فانتظر.
استصحاب حكم الشريعة السابقة الامر السادس - أنه لو شك في بقاء الحكم الثابت في الشريعة السابقة، فهل يحكم بالبقاء بواسطة الاستصحاب أم لا.