وبعبارة أخرى ملاحظة الجامع بين القطع وسائر الطرق المعتبرة، فعلى هذا يصح أن يقال في الثمرة بينهما انه على الأول لا يقوم سائر الامارات والأصول مقامه، بواسطة الأدلة العامة لحجيتها، أما غير الاستصحاب من الأصول فواضح، وأما الاستصحاب وسائر الامارات المعتبرة، فلأنها بواسطة أدلة اعتبارها توجب اثبات الواقع تعبدا، ولا يكفي مجرد الواقع فيما نحن فيه، لان للقطع بمعنى الكشف التام دخلا في الحكم، إما لكونه تمام الملاك، وإما لكونه مما يتم به الموضوع.
وعلى الثاني فقيام الامارات - المعتبرة، وكذا مثل الاستصحاب لكونه ناظرا إلى الواقع في الجملة - مقامه مما لا مانع منه، لأنه فيما يكون القطع على هذا المعنى تمام الموضوع، ففي صورة قيام إحدى الامارات أو الاستصحاب، يتحقق مصداق ما هو الموضوع حقيقة (9)، وفيما يكون المعتبر هو الواقع المقطوع، فالواقع يتحقق بدليل الحجية تعبدا، والجزء الآخر وجدانا، لأن المفروض عدم ملاحظة القطع في الموضوع من حيث كونه كاشفا تاما، بل من حيث أنه طريق معتبر، وقد تحقق مصداقه قطعا.
____________________
(9) لكن لا يخفى عدم صحة التعبير عن ذلك بقيامها مقام القطع في الموضوعية، نعم هي قائمة مقامه من حيث الطريقية، هذا إذا كان القطع تمام الموضوع، وأما إذا كان الواقع أيضا، دخيلا، فيمكن التعبير بلحاظ أحد جزئي الموضوع، وهو الواقع حيث أن الواقع تعبدا يقوم مقام الواقع الحقيقي، واما جزؤه الآخر فهو متحقق حقيقة، كما في تمام الموضوع.