ويمكن الخدشة في هذا الجواب: بان العلم الاجمالي يقتضي عدم المخالفة بالمقدار المعلوم اجمالا، لا المطابقة بذلك المقدار، كما سبق في مبحث دليل الانسداد، وجعلناه مبنى القول بالتجزي في الاحتياط (70).
(الوجه الثاني) - أنه - بعد قيام الأدلة على الواجبات والمحرمات بالمقدار المعلوم - ينحل العلم الاجمالي إلى العلم التفصيلي والشك البدوي، لان الاتيان بما دلت الأدلة على وجوب واجب، وكذا ترك ما دلت على تحريمه، ولا يكون لنا علم بالتكليف، سوى ما علم تفصيلا، لاحتمال انطباق المعلوم بالاجمال على المعلوم بالتفصيل.
فان قلت: هذا لو اطلع على الأدلة قبل العلم الاجمالي أو مقارنا له - صحيح، لما ذكر من عدم العلم بأزيد مما علم تفصيلا بمجرد احتمال
____________________
(70) الظاهر أن الجواب المذكور مخدوش، بان الامتثال الحكمي، للمعلوم بالاجمال لا يتحقق الا فيما مثلنا به في التعليقة السابقة من أنا لو علمنا بوجوب الاجتناب عن اناء زيد، فأخبر العادلان بأن الاناء الخاص لزيد، فان الاجتناب عنه امتثال حكمي للمعلوم، وهو كاف، ولو قيل بلزوم عدم المخالفة بالمقدار المعلوم في العلم الاجمالي، لان مرجع ذلك الطريق إلى نفي وجوب غيره، وهو كاف في التأمين من العقاب المحتمل، بخلاف ما لو أخبرا بنجاسة ذلك الاناء، فان العلم الاجمالي - بنجاسة اناء زيد الغير المنحل فعلا - يقتضى لزوم الاجتناب عن الآخر أيضا، وان قلنا بكفاية، الموافقة بالمقدار المعلوم حقيقة وحكما، لان الموافقة بالمقدار المعلوم واقعا مجهول بالفرض، وحكما لا دليل عليه، فافهم.