ترجيحا من غير مرجح انتهى).
وأنت خبير بما فيه، لأنه مع قطع النظر عن الحكم الذي جاء من قبل دليل الانسداد، لم يكن بين الظنين تفاوت، فما الذي أوجب جريانه في الظن المانع دون الممنوع. والأولى في الجواب منع المبنى، بانا لا نسلم وجود ملاك الاعتبار في كل ظن لم يقم على عدم اعتباره دليل، بل الملاك إما الظن بعدم حصول المخالفة بمقدار ما علم اجمالا، أو الظن بحصول الموافقة بالمقدار المذكور. والظن الذي فرض كونه ممنوعا - إذا انسلخ منه ذانك العنوانان - لم يؤخذ به، لعدم وجود الملاك فيه، والا فلا مانع من الأخذ به ومع كون ملاك الاعتبار ما ذكرنا، لا يمكن وقوع التعارض بين فردين من الظن، فليتأمل جيدا.
قال شيخنا الأستاذ دام بقاه في الكفاية في هذا المقام: (إن التحقيق - بعد تصور المنع عن بعض الظنون في حال الانسداد - انه لا استقلال للعقل بحجية ظن احتمل المنع منه، فضلا عما إذا ظن، كما أشرنا إليه في الفصل السابق، فلا بد من الاقتصار على ظن قطع بعدم المنع عنه بالخصوص، فان كفى، وإلا فبضميمة ما لم يظن المنع عنه، وان احتمل مع قطع النظر عن مقدمات الانسداد، وان انسد باب هذا الاحتمال معها كما لا يخفى، وذلك ضرورة عدم الاحتمال مع الاستقلال حسب الفرض. ومنه انقدح انه لا يتفاوت الحال لو قيل بكون النتيجة هي حجية الظن في الأصول أو في الفروع أو فيهما انتهى).
أقول احتمال منع الشارع في حال الانسداد عن ظن، كاحتمال جعل الشارع ظنا في حالا الانفتاح، فكما ان الاحتمال الثاني لا ينافي استقلال العقل بعدم الحجية، كذلك الاحتمال الأول لا ينافي استقلال العقل بالحجية. والسر في ذلك أن الجعل الواقعي للطريق اثباتا ونفيا