واما فيما نحن فيه، فان موضوع حكم العقل - مع قطع النظر عن وروده على المانع أو الممنوع - متحقق في كلا الفردين، لان كلا منهما ظن لم يقم دليل على عدم اعتباره. ومن الواضح أن مجرد لزوم التخصيص على تقدير آخر، لا يوجب الترجيح في حكم العقل، فان مسألة الترجيح بالتخصص إنما هي في مقام الاثبات والاستفادة، دون مقام اللب والثبوت، فلابد - في إجراء حكم العقل على أحدهما دون الآخر - من خصوصية واقعية توجب ترجيح أحدهما على الآخر عند العقل. فتدبر جيدا.
ومما ذكرنا ظهر لك ما في ما افاده شيخنا المرتضى قدس سره في توجيه هذا الكلام، بقوله: (ان القطع بحجية المانع عين القطع بعدم حجية الممنوع، لان معنى حجية كل وجوب الأخذ بمؤداه، لكن القطع بحجية الممنوع - التي هي نقيض مؤدى المانع - مستلزم للقطع بعدم حجية المانع، فدخول المانع لا يستلزم خروج الممنوع. وإنما هو عين خروجه، فلا ترجيح ولا تخصيص، بخلاف دخول الممنوع، فإنه يستلزم خروج المانع، فيصير
____________________
كالعلم، والشك فيه متأخر عن الشئ أيضا بمرتبة، فالظن المانع متأخر عن الممنوع بمرتبتين، فلو كان التقدم الرتبي علة لتقدم الشك السببي في الاستصحاب، فليكن الممنوع مقدما في الباب، كما لا يخفى عند أولى الألباب.