ففيه: منع كونها بنحو الإطلاق كذلك، ألا ترى أنه لو أوجد سبب الغفلة باختياره كما لو شرب اختيارا دواء يوجب الغفلة فترك المأمور به غفلة لا يعذره العقل، ففيما نحن فيه يكون سبب بقاء الغفلة وترك المأمور به عن غفلة هو تركه الفحص طغيانا، وبلا عذر، وفي مثله لا يكون معذورا في ترك المأمور به وفعل المنهي عنه الفعليين، بل العقاب في مثله لا يكون بلا بيان وبلا مناط.
الثاني: لو صار ترك الفحص موجبا لترك واجب مشروط أو موقت، بمعنى أنه ترك الفحص قبل تحقق الشرط والوقت مع احتمال كون تركه موجبا لترك المشروط والموقت في زمان تحقق الشرط والوقت، فصار كذلك، فهل يكون مستحقا للعقوبة كما في ترك الفحص في الواجب المطلق أولا؟
قد يقال بالتفصيل بين ما إذا قلنا في المشروط والموقت بفعلية الوجوب وإن كان الواجب استقباليا (و) وبين ما [إذا] قلنا فيهما بمثل مقالة المشهور في الواجب المشروط من عدم الوجوب إلا عند تحقق الشرط (ز) خصوصا لو قلنا بأن وجوب الفحص غيري من باب وجوب المقدمة، لأن تبعية وجوب المقدمة لوجوب ذيها كالنار على المنار (ح).
أقول: التحقيق: استحقاقه العقوبة مطلقا سواء قلنا بمقالة المشهور أو لم نقل، وسواء قلنا بأن مناط وجوب الفحص هو المقدمية أو لا، فإنا لو قلنا بمقالة المشهور في الواجب المشروط، وقلنا بالوجوب المقدمي أيضا، نقول: إنا قد حققنا في باب وجوب المقدمة (ط) أن ما هو المعروف - من أن وجوبها مترشح من وجوب ذيها (ي) وعليه لا يعقل وجوبها قبل وجوبه، للزوم كون المعلول قبل علته - ليس على ما ينبغي، بل لوجوب المقدمة - كوجوب ذيها - مباد ومقدمات خاصة بها، إذا وجدت وجد الوجوب وإلا فلا، وجب ذو المقدمة فعلا أو لا.
فلو قلنا بوجوب المقدمة وسلمنا التلازم نقول: إن المولى إذا تصور توقف الواجب المشروط - الذي سيتحقق شرطه - على شئ قبل مجئ الشرط، بحيث لو تركه العبد في الحال يوجب سلب القدرة عنه في حال تحقق الشرط، فلا ريب في تعلق إرادته بإيجاده بمناط