المقدمية، لحصول مبادئ إرادتها من التصور والتصديق بالفائدة وغيرهما، وعدم تحقق الوجوب في الحال لا يوجب عدم حصول مبادئ إرادة المقدمة وإيجابها.
نعم بناء على ما قيل من معلولية وجوب المقدمة عن وجوب ذيها، وترشح وجوبها عن وجوبه، تكون التبعية كالنار على المنار، لكن التأمل في إرادة ذي المقدمة ومبادئها وإرادة المقدمة ومبادئها، يرفع الريب عن عدم وجاهة ما ذكروا، فحينئذ يكون ترك الفحص - الموجب لفوات الواجب في محله بلا عذر - موجبا لاستحقاق العقوبة.
ولو لم نقل بوجوب المقدمة أو كون وجوبها بمناطها - كما هو الحق في المقامين - فلا شبهة أيضا في استحقاقه العقوبة، لحكم العقل والعقلاء بأن تفويت الواجب المشروط - الذي يأتي شرطه في محله - بلا عذر موجب للاستحقاق، ولا عذر لمن يعلم أن شرط الواجب يحصل غدا أن يتساهل في مقدماته الوجودية المفوتة ولو صرح المولى بأن الواجب المشروط قبل شرطه ليس بواجب أصلا.
وذلك لا للقاعدة المعروفة: أن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار كما توهم بعض أهل التحقيق (يا) لما ذكرنا في محله (يب) من أن تلك القاعدة العقلية غير مربوطة بمثل المقام، بل هي مربوطة بمسألة عقلية فلسفية في قبال توهم بعض المتكلمين المنكر للإيجاب والامتناع السابقين، بتوهم أن التزامه موجب لصيرورة الفاعل موجبا - بالفتح - فأنكر على مثله أهل الفن بأن الوجوب بالاختيار وكذا الامتناع بالاختيار لا ينافيان الاختيار (يج).
وأما مثل المقام فلا شبهة أن الامتناع بالاختيار ينافي الاختيار، فمن ترك السير إلى أن ضاق الوقت خرج إتيان الحج عن اختياره ولو كان الامتناع باختياره، لكن لا يكون هذا الامتناع عذرا عند العقل والعقلاء، وهو قاعدة أخرى غير القاعدة المشتهرة.
فاتضح من ذلك دفع ما قال المحقق المتقدم [من أن مورد القاعدة] ما إذا كان الامتناع بسوء اختياره، ولا يكون ذلك إلا بعد فعلية التكليف وتساهله في تحصيل المقدمات حتى عجز عن امتثاله (يد) وذلك لأن العقل لا يفرق بين الواجب المشروط المعلوم تحقق شرطه وبين الواجب المطلق في عدم معذورية العبد، والعقلاء حاكمون بالاستحقاق، فارجع إليهم