إنما الفرق بينها من جهات أخرى: فإن الغرض من البعث النفسي المولوي الوصول إلى المطلوب الذاتي، ومن البعث الغيري إفادة دخالته في المطلوب الذاتي جزء أو شرطا، ومن البعث الإرشادي هو الإرشاد إلى ما يحكم به العقل، أو الإرشاد إلى دخالته فيما هو مطلوب المكلف، كأوامر الأطباء التي هي إرشاد إلى دخالة المأمور به في إرجاع الصحة، فجميع الأوامر والنواهي مشتركة في كونها بعثا وتحريكا نحو المتعلقات كما يحكم به الوجدان، ويظهر بالمراجعة إلى موارد استعمال الأوامر والنواهي الإرشادية والغيرية، ولا إشكال في عدم الفرق في اعتبار القدرة في المتعلقات بين أنحاء البعث والتحريك.
فما ذكره أخيرا - من أنه لا إشكال في أنه ليس في آحاد الخطابات الغيرية ملاك البعث المولوي، وإلا لخرجت عن كونها غيرية - فيه مالا يخفى، فإنه بعد تسليم أن التكاليف الغيرية - أيضا - تتضمن البعث والتحريك، لابد من تسليم اعتبار القدرة في متعلقاتها، فإن الملاك في اعتبارها ليس المولوية، بل نفس البعث والتحريك.
فتحصل مما ذكرنا: أن كلا من توجيهه لكلام الوحيد وإشكاله عليه ليس على ما ينبغي.
ثم إن محل البحث في المسألة إنما هو في موردين:
أحدهما: إذا لم يكن لدليل المركب ولا لدليل اعتبار الجزء أو الشرط إطلاق.