لكونها طلبا مولويا وبعثا فعليا، بخلاف الخطابات الغيرية، فإنه يمكن أن يقال:
إن مفادها ليس إلا الإرشاد م إلى دخل متعلقاتها في متعلق الخطاب النفسي، كالخطابات الغيرية في باب الوضع والأسباب والمسببات، حيث إن مفادها ليس إلا دخل المتعلق في حصول المسبب، ففي الحقيقة الخطابات الغيرية مطلقا بمنزلة الإخبار من دون بعث وتحريك حتى تقتضي القدرة على المتعلق.
ولو سلم الفرق بين الوضعيات والتكليفيات، وأن الخطاب في الثانية يتضمن البعث، فلا إشكال في أنه ليس في آحاد الخطابات ملاك البعث المولوي، وإلا لخرجت عن كونها غيرية، بل ملاك البعث المولوي قائم بالمجموع، فالقدرة معتبرة فيه لافيها، فلا فرق بين القيدية المستفادة من مثل:
(لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب) أو المستفادة من الأمر والنهي الغيري (1) انتهى.
وفيه أولا: أنه لو أراد الوحيد البهبهاني - رحمه الله - أن يفصل بين الوضعيات والتكليفيات، فلا وجه لاختصاصه بمثل المثالين مما لهما جهة زائدة على إفادة الوضع، فالظاهر منه تحقق نحو خصوصية في مثلهما دون غيرهما.
تأمل.
وثانيا: أن ما ذكره - من أن الخطابات الغيرية تكون بمنزلة الإخبار بالجزئية أو الشرطية، ولا بعث فيها بوجه - مما تكون الضرورة على خلافه، فإن الأوامر مطلقا نفسية كانت أو غيرها مولوية أو إرشادية، إنما هي للبعث والتحريك نحو المتعلق من غير فرق بينها من هذه الجهة.