وقياس ذلك بالعلم الإجمالي - حيث يكون حجة على المشكوك فيه مع عدم إحراز كونه واقعا - مع الفارق، لأن العلم الإجمالي قد تعلق بالصغرى، وتردد أمرها بين أمرين أو أزيد، فالحجة بالنسبة إلى الصغرى تامة، وعروض الإجمال لا تأثير له في تمامية الحجة، بخلاف ما نحن فيه، فإن الصغرى لم تتعلق بها الحجة ولم تكن معلومة لا تفصيلا ولا إجمالا، وذلك واضح (1).
إن قلت: عدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية - كما هو المعروف بينهم (2) - مبني على كون الخاص حجة بالنسبة إلى الأفراد الواقعية، وإلا يلزم رفع اليد عن الحجة بغير الحجة، فعليه تكون الكبرى حجة على الصغرى، وذلك يوجب الاحتياط.
قلت: لا نسلم كون المبنى فيه ذلك، بل هو مبني على أن بناء العقلاء في تطابق الإرادة الجدية للاستعمالية في العام قاصر عن شمول مثل الشبهة المصداقية للمخصص، فإذا علم خروج الفساق من العلماء عن قوله:
" أكرم العلماء " وشك في فرد أنه فاسق أو لا يكون قوله: " لاتكرم الفساق " حجة على الفرد المشكوك فيه، لكن يوجب سلب الحجية عن قوله:
" أكرم العلماء "، لما ذكرنا من قصور شمول بناء العقلاء لذلك.