إن قيل: إن وظيفة الشارع بيان الكبريات لا الصغريات، فإذا قال:
" أكرم العلماء " تم بيانه بالنسبة إلى إكرام كل عالم واقعي، وكذا إذا قال:
" لا تشرب الخمر " وكذا الحال في الأجزاء والشرائط والموانع للمأمور به، فإن بيانه بالنسبة إلى الكبرى تام، وليس من وظيفته بيان الصغرى، فلابد من الاحتياط خروجا عن مخالفته بحسب الأفراد الواقعية التي تم بيانه بالنسبة إليها.
وبعبارة أخرى: لابد للمكلف من الخروج عن عهدة تلك الكبرى المعلومة يقينا، وهو لا يحصل إلا مع الاحتياط.
قلت: إن أردت من كون الكبرى بيانا أنها بيان بالنسبة إلى الفرد المشكوك فيه، فلا إشكال في بطلان تلك الدعوى، فإن قوله: " لا تشرب الخمر " لا يعقل أن يكون بيانا واصلا بالنسبة إلى ما كان مصداقيته مشكوكا فيها، والتكليف لا يدعو إلا إلى متعلقه.
وإن أردت أن التكليف تعلق بحسب الواقع بالفرد الواقعي سواء شك فيه أولا، فهذا مسلم، لكنه لا يكفي في البيان.
وأما ما ذكرت - من أن وظيفة الشارع بيان الكبريات - فهو أيضا مسلم، لكن الكبرى لا تصير حجة على الصغرى ما لم تحرز وجدانا أو بطريق متبع.
وبالجملة: إن بيان الشارع بنحو الكبرى لا ينتج ما لم يضم إليه صغرى محرزة.